الاثنين، 28 يوليو 2008

على طريقتها

كان القلق باديا على ملامحها وهى تقطع الغرفة جيئة و ذهابا منذ قرابة الساعة..ممسكة بالقدح الذى بدأ يبرد و الذى منعها القلق من تناول ما فيه..و يدها الاخرى تقبض بحكام على هاتفها المحمول الذى تتوقف من ان لآخر لتطيل النظر اليه و كأنها تتعجل تلك المكالمة التى تحطمت اعصابها بانتظارها.
نظرت اليها تلك الجالسه ازائها على احد السريرين الموجودين بالغرفة نظرة خبيثة ثم قالت ضاحكة : "يا بنتى خايلتينى.. مادام هتموتى من القلق كده ما تكلميه انتى تشوفيه عمل ايه بدل مانتى رايحة جاية كده"
حدجتها بنظرة غاضبه و قالت فى حدة : "انا قلتله اول ما يطلع من الانترفيو يكلمنى يقوللى عمل ايه و المفروض انه خلص من بدرى .. متصلش ليه بأه؟ هو فاكرنى هتحايل عليه عشان اعرف؟ خلاص مادام هو مش فارق معاه انه يطمنى انا كمان مش فارقة معايا اعرف عمل ايه "
ضحكت الفتاه ضحكة طويلة و قالت : "لأ باين فعلا انك مش فارقه معاكى ولا قلقانة ولا هتموتى و تعرفى عمل ايه ولاااا اى حاجة "
همت بالرد عليها و لكن منعها رنين الهاتف و لم تلبث ملامحها ان اكتست بتحفز سرعان ما انطفأ بعد ان رأت رقما غير الذى توقعت و لكنها قررت ان ترد عل المتصل يصرف ذهنها عما يعتمل فيه..
لم تدم المكالمة طويلا و السبب فى ذلك اقتضابها فى الحديث و الذى شعرت بخلوه من التهذيب بعد ان اغلقت الخط و لكنها لم تلم نفسها كثيرا فلديها ما هو اهم لتقلق بشأنه.
بادرتها صديقتها قائلة : " يعنى بذمتك لو كنتى انتى اللى عندك مقابله شغل مهمة و مستقبلكو كله متوقف عليها و هو عمل زيك كده و قال مش هكلمها و هسيبها هى اللى تتصل مش كنتى زعلتى؟ "
اجابت بشىء من الخجل : " ايوة كنت زعلت و عملت خناقه كبيرة كمان"
هتفت الفتاه فى غيظ : " امال بتعملى معاه كده ليه؟ يا بنتى انتو علاقتكو اكبر بكتيير من الهبل اللى بتعمليه ده و المفروض انه يحس انك مهتمة بيه عشان متخسريهوش "
صمتت لوهلة مفكرة ثم ردت : " انا مش عارفه انا بعمل معاه كده ليه بصراحة.. بحس ان عندى مشكله ف التعبير عن مشاعرى ناحيته مع انى بحبه قوى و الله"
و قبل ان ترد صديقتها قاطعهما رنين الهاتف مرة اخرى ليبدو على ملامحها ان هذه هى المكالمة المنتظرة..
تأملت الفتاة صديقتها التى اخذت تتحدث بلا مبالاة مصطنعة حاولت ان تخفى بها حنقها و قلقها .. و تعجبت من كون ثلاث سنوات من الزواج سبقتها سنتان من الحب كانتا من اجمل ما يكون قد عجزتا عن تغيير طباع صديقتها الطفولية.. و تعجبت اكثر من احتمال زوجها لهذه الطباع طوال هذه المدة دون تبرم..لابد انه يفهمها كثيرا و يحبها كثيرا للدرجة التى يثق بها فى مشاعرها نحوه حتى مع عجزها عن التعبير عنها كما ينبغى ..
اغلقت الخط و تطلعت لصديقتها و قد اشرق وجهها بابتسامة اوحت اليها بأن كل شىء على ما يرام و همست : " لو يعرف قد ايه بحبه " .. نظرت اليها فى حنان و قالت : " اكيد هو عارف"

الأحد، 27 يوليو 2008

مكنش قصدى

تعالى صراخه من الغرفة فجأة فور سماعه الخبر.. و كالعادة فاق رد فعله ما يتطلبه الموقف كثيرا حتى خيل اليهم انه موشك على قتل احدهم:
"انتم مسلطين عليا؟ هو يعنى مال سايب؟ هو انا بلاقى الفلوس دى ف الشارع؟ ده انا لو عايش مع يهود كانو حسو بيا و قدروا تعبى "
نظر اليه الصغير الواقف امامه بالرعب المناسب لما بدا على ابيه من عصبيه وقال بصوت راجف : " معلش يا بابا و الله مكنش قصدى .. مخدتش بالى هى وقعت غصب عنى"
نظر له نظرة غضب كانت كفيلة باسالة ما استمات الصغير منذ بداية الامر فى اخفائه من دموع.. حتى قبل ان يبدأ الوالد فى اكالة الصفعات للصغير الباكى صارخا:
"ماحنا لو نعرف قيمة الحاجة نتعامل معاها بحرص لكن انتو كله جايلكو عالجاهز..متعبتوش ف حاجة.. نتعامل باهمال و استهتار و نرجع نقول مكنش قصدى"
تعالت صرخات الصغير لتأتى امه مذعورة و تخرجه من الغرفة دون ان تنطق بكلمه واحدة ثم تنظر اليه و تهتف غاضبة:
"حرام عليك يا أخى انت معندكش قلب؟ الولد مكانش يقصد و الفازة وقعت غصب عنه.. فداه يا اخى.. فدا دمعه من اللى انت خليته يبكيهم على حاجة اتكسرت خلاص و ضربك له مش هيرجعها تانى"
نظر اليها و الشرر يتطاير من عينيه صارخا:
"طبعا يا هانم ما انتى اللى خليتيهم يبقو مهملين زيك من دلعك فيهم..و انت غرمانه حاجة؟ ما انا اللى بجرى اصلح اللى بتخربوه.. كذا باظ صلح حاضر.. كذا خرب صلح حاضر.. كذا اتكسر هات غيره حاضر.. عيشة تقصف العمر.."نظرت اليه نظرة احتقار طويلة ثم قررت انها لن تمضى قدما فى هذا الحوار العابث و استدارت لتخرج حين استوقفها صوت تهشم الفازة التى كانت بجواره اثر ارتطام يده بها عرضيا.. نظرت اليه و على شفتيها ابتسامة تشفى فشلت فى اخفائها فلم يجد الا ان يطأطئ رأسه و يغمغم " ايدى خبطتها غصب عنى فوقعت.. مكنش قصدى!!!"

الأربعاء، 23 يوليو 2008

وانا..مش عاشق ضلمه

ان مقدرتش تضحك متدمعش ولا تبكيش
وان مفضلش معاك غير قلبك اوعى تخاف..مش هتموت..هتعيش
و ان سألوك الناس عن ضى جوه عيونك مبيلمعش..متخبيش
قوللهم العيب مش فيا.. العيب فى الضى
وانا مش عاشق ضلمه
ولا زعلت الضى
مسير الضى لوحده هيلمع
و مسير الضحك لوحده هيطلع
مبيجرحش.. ولا يئذيش

السبت، 19 يوليو 2008

there's no spoon

كنوع من التمرد على حالة الكابة التى اصرمنذ زمن لا اذكره ان اعيش و اجبركم على العيش معى فيها قررت اليوم بالاتفاق مع نفسى اعلان الاضراب عن الاكتئاب...
لأننى لم اكف يوما عن البحث عن الساحرة و مشطها العجيب القادر على محو الذكريات.. ولأننا كبشر نختلق ما نعجز عن ايجاده .. و لأن الواقع و الحاضر و المستقبل من صنع ايدينا .. و لأنه كما يقول الفتى الصغير و يكررها من بعده كيان أو ريفز فى فيلم ماتريكس "there’s no spoon"
بمعنى انه لا يوجد سوى ما نريده ان يوجد و أن الحقائق الموجودة فى حياتنا هى ما نصر نحن على انه كذلك.. فقد قررت اننى أنا الساحرة..و أن المشط السحرى فى يدى الان..و أننى من هذه اللحظه بلا ذكريات و بلا قلب و بلا عقل ايضا.. وأننى من الان اصبحت شيئا اعجز عن تعريفه و لكننى احبه كثيرا و سأحافظ عليه.
" شكر خاص لمنة مجدى و محمد منير و اخرين"

الجمعة، 18 يوليو 2008

الى حيث تنتمى

فرت الى الشاطئ حيث اعتادت ان تذهب معه قبل ان يقرر الموت ان ينهى قصتهما نهاية مختلفة عن تلك التى توقعها الجميع.. فى الطريق الى الصخرة التى اعتادا الوقوف عندها جمعت بعض الحصى لتلقى به الى البحركما اعتادا ان يفعلا معا.. و تذكرت ابتسامته وهو يخبرها ان ما القياه من حصى سويا منذ ارتادا هذا المكان كاف لبناء قصر تحت الماء و انه يوما ما سيهرب بها الى قصرهما السحرى ولن يعودا الى الشاطئ ابدا..و لم تستطيع ان تمنع نفسها من الالتفات الى جوارها من وقت لاخر لتتأكد انه غير موجود فعلا فتعاود النظر الى الطريق و تحاول عبثا منع دموعها من الفرار.
وصلت اخيرا الى المكان المنشود..و مرت سنوات أو أيام أو لحظات من الصمت و التأمل و البكاء بدأت بعدها بالقاء ما فى يدها من حصى الى البحر..و لم تكن القت كل ما فى يدها بعد عندما سيطرت عليها فجأة فكرة ان قصرهما القابع تحت الماء قد اكتمل تماما و انه ينتظرها هناك.. فوضعت الحصى جانبا و نظرت الى الماء نظره طويله تتخيل فيها كيف سيبدو بعد ان اكتمل..و كادت تقسم لنفسها انها رأت القصر حقا و رأته يلوح لها من شرفته مبتسما... فقررت انها لم تعد تنتمى الى الشاطئ بأى حال من الاحوال و ان مكانها الطبيعى هناك تحت الماء مع من تحب.. ولم تلبث ان تركت دموعها و احزانها خلفها و قفزت الى حيث تنتمى..
و لم يبق مكانها سوى دموعا رفضت ان تجف وفاءا لصاحبتها .. و عطرا خفيفا قرر ان يحتضن المكان للأبد .. و صورة غريبة يعكسها البحرعند تلك الصخرة بالذات لقصر من الحصى و من شرفته يطل حبيبين متعانقين..

الأحد، 13 يوليو 2008

و يوم ما نفرح..على الله يفضل ف القلب حته..

الشك القاتل فى كل من يحيط بك..العجز التام عن تصديق اى شخص ايا كان..انعدام الثقة بالنفس ناهيك عن انعدامها بالاخرين.. الشعور بالوحدة القاتلة مع الخوف من تخطى اسوار تلك الوحدة التى ربما بنيتها بنفسك لمعرفتك التامة بعواقب تجاوزها..
البكاء لساعات دون سبب واضح..الشعور بالحنق فى كل مرة " يدعى" فيها احدهم انك تعنى له شيئا لأنك ببساطة لا تصدقه.. الذكريات التى ما ان توليها ظهرك تجدها امامك .. فتغير طريقك مرة اخرى فتجدها معك.. فتتوقف فى مكانك و تغمض عينيك و تتقوقع على نفسك لتجد انك عزلت نفسك عن كل ما يحيط بك عدا تلك الذكريات لتدرك انها تسكنك انت و انك حبيس نفسك.
الرغبة فى انهاء حياة لم يكن باختيارك ان تحياها من البداية.. الخوف من عذاب الجحيم..
الشعور انك لا شىء.. لا احد.. الصراخ فى ركن الغرفة لساعات دون صوت .. الاحلام الساذجة التى تثبت لك يوما بعد يوم ان تلك الخرقة البالية المكومة فى ركن صدرك ما زالت مصرة على ان تنبض من ان لآخر بعد ان اقسمت لنفسك الآف المرات انك لن تدعها تفعل..وتوعدتها انك ستلقيها خارج صدرك ان هى فعلت...
تلك المقطوعة الموسيقية التى تسمعها عندما تشعر بكل هذا لتزيد من سوء الوضع و رغم انك تعلم جيدا كم هى مقبضة و كم هو كئيب اثرها عليك الا ان يديك تعاندانك و تشغلانها تلقائيا..
الجزيرة النائية.. صوت البحر و صوت فيروز.. "وهى تجلس فى هدوء تستمع الى الموسيقى و تبكى".. الحلم الازلى بالوحدة المطلقة..بعيدا عن سخافات الاخرين التى تحاصرك من كل اتجاه فتضيق المساحة التى تجد فيها نفسك علما بأنها ضيقة بالفعل و لا تحتمل اى مزاحمة من ايا كان...
و مع رغبتك الدائمة فى الانفراد بنفسك... فهناك دوما تلك الرغبة فى ان ترتمى فى حضن احدهم و تسكب احزانك دموعا على كتفيه حتى تعود بشرا سويا بدلا من المسخ الذى اصبحت عليه..

الجمعة، 11 يوليو 2008

امه رغم انفى

منذ قرابة الشهر انضم فرد جديد لقائمة من اطلق عليهم "ابنائى".. و هى قائمة تضم الاشخاص الذين اكن لهم من الحب ما لا يعدله سوى حب الام..و الذين لا اتردد فى ان اخبرهم بأنهم فعلا فى منزلة ابنائى ولا اكترث ان كانو حقا يعون ما تحمله هذه الكلمة من دلالات بالنسبة الى او لا..فأنا احبهم بالفعل وهذا يكفى..وعلى اى حال هذا ليس موضوعنا..
اعود الى "اخر العنقود"
و الذى لم يتبع انضمامه لتلك القائمة الطريقة التقليدية.. أى تعارف ثم صداقة ثم حبا صادقا و شعورا بالمسئولية نحو الشخص المعنى..بل و اذا شئت الدقة لم يكن انضمامه لتلك القائمة باختيارى اصلا... بل وجدته فجأة هكذا مسئولا منى و معتمدا على فى كل شىء تقريبا كما لو كان ابنى بالفعل.. و انا لا اضيق فى العادة بكونى مسئولة عن احدهم .. بل ارحب بذلك و احبه فى الواقع .. لذا فلم امانع ان العب هذا الدور الذى جاءنى دون ان اسعى اليه.. و لكن المشكله اننى لم اعتد على هذا الشكل من العلاقة بينى و بين صغيرى هذه المرة.. و لم اتوقع ان تبلغ هذا المدى يوما.. فمنذ عرفته و نحن فى خلاف لا ينتهى بحيث اصبحت مشاكلنا معا من الحقائق المسلم بها فى حياتنا و حياة المحيطين بنا و فقد الجميع الرغبة فى اصلاح ذات البين فتركونا و شأننا بعد ان اتفقنا على الا نتفق..
لذا اتعجب انا شخصيا من كونك ترانى اسير فى الطريق متأبطة ذراع صغيرى البالغ من العمر 58 عاما.. يحدثنى هو عن مشاكله فى العمل احيانا.. ومشاكله الشخصية احيانا.. و عن نفسه احيانا..و عنى احيانا .. و اشعر من احكام قبضته على يدى فى الطريق بمدى حاجته الى ... باعتماده على .. فطفلى الكهل لا يستطيع ان يسير بمفرده فى الطريق دون الاستناد الى شىء ما..نظرا لظروفه الصحية التى لا تخفى على احد.. وكثيرا ما افكر فى حالنا معا.. كيف اصبحت مضطرة ان اتحمل عصبيته و تقلب مزاجه و طلباته الكثيرة و صراخه المستمر اذا تأخرت عنه و لو للحظة .. بعد ان كنت اكتفى دوما بالابتعاد عنه و ارى فى تبادل تحية الصباح معه حميمية زائفة لا داعى لها..
احيانا اشعر انه واحد من الاسباب الكثيرة التى تجعلنى ممزقة.. بأكثر من شخصية وأكثر من رأى .. فرغم محاولاتى المستميتة لأداء دور العاقلة التى تستطيع تحمل اى شىء من ايا كان.. كثيرا ما افقد اعصابى و افقد معها القدرة على التصرف بالطريقة المتوقعة من ام لطفل فى الثامنه و الخمسين من عمره... ام لم تختر ان تكون اما... ولكننى لا اقدر ان اهدهد و اداعب طوال الوقت... احتاج الى اوقات اثور فيها على طفلى المشاغب الذى كثيرا ما يرفض الاصغاء.. و يستمتع بتعذيبى كشأن جميع الاطفال فى سنه..
" هو نوع من الحب الخارج عن ارادتنا.." هكذا قال لى فرد اخر من اعضاء القائمة سالفة الذكر .. عندما اخبرته يوما عن طفلى الشقى .. بالفعل عزيزى هو نوع من الحب الخارج عن ارادتى و الذى جعلنى .. امه رغم انفى..