الجمعة، 20 نوفمبر 2009

ببطء .. كالنساء

كانت أياما مليئة بالموسيقى و الأكاذيب .. و كنا حمقى سعداء .. والآن .. لم نعد بالضرورة حمقى .. لكنا قطعا لسنا سعداء .. أتدرى؟ أفتقدك بشده .. أشعر بالسخف - ناهيك عن شعورى المعتاد بجنونى التام - عندما أسمع أنفاسك كلما عبرت الطريق .. لطالما كان صوت أنفاسك مميزا .. ولكن فكرة ملاحقه صوت أنفاسك لى فى الشارع تبدو مثيرة للقلق نوعا ..

اسرع باتجاه العياده .. اضبط نفسى أركض دون سبب كالعاده .. أردد لنفسى بيت الشعر الذى أفضله فى مثل تلك المواقف " سيرى ببطء كالنساء الواثقات بسحرهن وكيدهن .. " أضحك ساخره من نفسى التى تطلب منى أن أسير " كالنساء " كأننى لا أنتمى اليهن .. حمدا لله أن الشعر لم يكن ليستهويك والا كنت أمضيت دهرا فى المضى قدما بعدك .. فى الواقع لم يكن بيننا الكثير من القواسم المشتركه .. كل منا ينتمى الى عالم مختلف تماما .. ولكل منا شرفه واسعه يطل منها على الآخر .. عبر تلك الشرفه قضيت أمتع لحظات حياتى أحكى لك عن كتاب قرأته.. قصيده لمستنى .. أدندن لمنير و فيروز و تهز رأسك أنت فى غير رضا .. و من شرفتك غنيت لى أغانى عمرو دياب الجديده و حكيت لى عن جميع ألعاب الكمبيوتر التى لا ألعبها وأنا أرجوك أن تكبر قليلا .. تعبس .. تقطب كالأطفال و تتساءل فى براءه " هو أنا مش عاجبك كده؟ بجد عايزانى أكبر؟ " أتراجع فى الحال.. لا أستطيع أن أجازف بكل ما فى عينيك من براءة و أطلب منك أن تكبر لمجرد أننى أفضل منير على عمرو دياب أو لأننى لا أحب ألعاب الكمبيوتر " لأ يا حبيبى متكبرش .. خليك كده و أنا هعتبرك ابنى " .. هييه..هل كنا نعنى تلك الترهات حقا؟ أنا كنت أعنى ما كنت أقوله .. ترى هل كنت تعنى ما كنت تقوله بدورك؟

عندما رأيتك الأسبوع الماضى فى المؤتمر لم أصدق كم أنت أنت !! الى هذه الدرجه لم تتغير ؟ ذات الضحكات المجلجله التى لا يضحكها أكثر العامة سوقيه .. وذات الدمعه فى عينيك متى ضحكت من قلبك أو سعلت أو انفعلت أو مارست أى نشاطِ انسانى .. كانت عيناك تدمعان دوما دون سبب .. حله رماديه و رابطه عنق أنيقه .. شعرك بدأ يغادر رأسك الى غير عوده ولكننا كنا قد توقعنا هذا منذ زمن فلم يفاجئنى .. بل فاجئنى كيف احتفظت بتفاصيلك كامله .. لم تكبر يوما بينما أشعر بجوارك أنى عجوز شمطاء

- " ايييييييه ده معرفتكيييييييييييييش .. بقيتى واحده تانيه .. لأ لأ لأ ايه يا عم الشياكه دى بس و كعب عالى و بدل كلاسيك و ميك أب و قلق .. كان فين الكلام ده أيام الكليه "

- " وانت ما شاء الله زى مانتا صوتك عالى فشر تباعين الميكروباصات و حالتك كرب و لسه عينيك حمرا من آخر مره شفتك فيها .. شوفوله بروزولين يا جدعان بدل ما هو فاضحنا و عامل زى المدمنين كده "

- " رغم ان شكلك اتغير لسه لسانك طويل زى مانتى مفيش فايده .. انا قلت البت اتلمت بأه وعملت فيها بنت ناس

- " لأ و لسه .. بص "

أفتح فمى لأريك أننى أصلحت أسنانى المفقودة و يسقط فكك دهشة قبل أن تطلق صرخه

- "ايه دااااااااااااااا وأنا أقوووووول احلوت لييه احلوت لييه .. صلحتيهم امتى يا مصيبه؟"

- " لسه شايله الريتاينر من اسبوع"

- طب يا ستى الف مبروك

قابلنا معظم دفعتنا يومها و كان من الغريب أن يجدوننا معا بعد هذه السنوات .. فانفصالنا لم يكن هينا بالنسبه للجميع .. حضر كل منا المناقشات التى أردنا حضورها و اتفقنا أنك ستقللنى الى المنزل بعد المحاضرة الأخيره.. لم أصدق أنك اشتريت سيارة أخيرا و لم تصدق أنت أننى أخيرا سأركب معك سياره واحده .. لقد حمل اليوم الكثير من المفاجئات لكلانا .. لم يفتنى أن أنظر الى يمناك لأصعق بدبله فضيه تؤكد الهاجس الذى سيطر على منذ البدايه .. لقد خطبتها بالفعل .. لم أجد فى نفسى رغبه فى خوض المزيد من الصراعات النفسيه ولا أخفيك سرا لقد عزمت على التسلل بعد المحاضره الأخيره و العوده الى المنزل وحيده بدونك .. لا داعى للمزيد من وجع القلب فالتعافى منك لم يكن سهلا .. لكن الصدفه أبت ووجدتنى أهرب بسرعه كى انتهى فى حضنك دون أن أعى هذا .. أحاول الهروب منك فأصطدم بك ؟! كم هذا مثالى !!

فى الطريق الى السياره تلاحظ وجومى .. تبا كنت قد نسيت كيف تعرف دوما أن ثمه ما يشغلنى دون أن أنطق و مهما حاولت تصنع الهدوء .. نتناقش فى موضوعات المؤتمر و أجيب بمرح مفتعل .. فى السياره تضع يدك على المقود و تنظر الى دبلتك التى خنقتنى .. تخلعها و تلقيها على التابلوه باهمال

- كده فال وحش . و بعدين لو كنت خطيبتك كنت قتلتك

- بس انتى مش خطيبتى

تقولها معابثا دون أن تدرى كم كنت عنيفا و كم جرحتنى .. يزداد وجومى فتتدارك الموقف فى الحال

- أنا أصلا مش خاطب .. أنا لابسها كده عشان البنات السمجه اللى معانا فى السنتر .. بجد بشعين .. قلت انجز و أخليهم يصرفوا نظر عنى خلينا نشوف شغلنا .

رباه .. هل تعنى ما تقول؟ لم ترتبط بها؟ الى الآن؟ أم انفصلت عنها أم ماذا؟ لعلك لم تتعلم أن تكذب على فى أعوامنا الثلاثه الأخيره .. ثم لماذا يهمنى الأمر الى هذه الدرجه؟ هل جننت؟

- خلاص يعنى عمر الشريف يا خىُ هيموتوا بعض عليك؟ بلا نيله

- أيوه عمر الشريف بأه .. ولا مش عاجبك؟

أتذكر انها كانت دعابتنا المفضله .. كذا ولا مش عاجبك .. أجيب بخجل عاجبنى طبعا ..أنساق الى الدعابه و أجيب ناظره اليك : "عاجبنى طبعا " .. تبتسم ولا تعلق .

تسألنى عن حالى ولم لم أتزوج .. أجيب بأنى " لسه بكون نفسى " تضحك و تكرر السؤال فأجيب " مجتش مناسبه" تضحك كثيرا هذه المره .. " انتى لسه ضايعه زى مانتى " فأجيب بجديه لم تتوقعها " و انت لسه زى مانتا .. ف كل حاجه ..."

تمر لحظه صمت جاده .. " وحشتينى أوى .." هل قلتها حقا؟ أم ترانى عدت للهلاوس من جديد؟ لابد أنك قلتها .. عيناك تبدو كعينى شخص اعترف لتوه أننى " وحشته أوى " .. أنظر اليك طويلا .. طويلا جدا .. و تتسع ابتسامتى و أنا أبحث عن ردا ذكيا .. تبوء محاولات التحذلق بالفشل فأعلن استسلامى " وانت كمان " .. نستغرق فى الحديث كأننا افترقنا أمس .. نتبادل دعاباتنا المعهوده .. نجد أنفسنا أمام منزلى خلال دقائق ..

- " مبسوط انى شفتك بجد عايزين نرجع نتلم تانى احنا و بقيه العيال"

تقولها ببرود يصدمنى فأكاد لا أصدق أنى سمعتها !! كأنك تخاطب أحد أصدقاءك .. كأننى لم أكن يوما .. لم أكن.. أنا!! كيف؟

لا أدرى كيف ابتسمت ووعدتك أن " أكيد ان شاء الله " .. ولا كيف حملتنى قدماى الى خارج سيارتك والى سلم العماره و الى السرير .. ولا كيف مضى الأسبوع الماضى فى الواقع .. كل ما أعرفه أن أنفاسك عادت تلاحقنى فى الشوارع منذ ذلك الحين .. و أنك اختفيت تماما كما فعلت فى المرة السابقه .. وأن .. حسنا ها قد عدت لمبدأ أن النهايات السعيده لا توجد الا فى الافلام الرديئه .. طالما أخبرت نفسى أن الأسوأ كله يكمن فى الأسبوع الأول .. بعدها تجد الحياه طريقتها للاستمرار.. قررت ان الأمس كان نهاية الأسبوع الأول .. و أن اليوم بدايه جديدة تستحق ابتسامه .. أطرد أنفاسك من رأسى .. و أبتسم و أنا أعبر الطريق وحدى تماما .. وحدى لكن ونسان كما يقول جاهين و يغنى عزيزى منير .. تتسع خطواتى تدريجيا كما يحدث كلما أقبلت على الحياة لسبب أو لآخر..ها أنا ذا عدت للركض دون سبب مرة أخرى .. أذكر نفسى بالتمهل ..و أردد لنفسى بيت الشعر الذى أفضله فى مثل تلك المواقف " سيرى ببطء كالنساء الواثقات بسحرهن وكيدهن .. "

سأسير ببطء و سأتعافى منك ببطء أيضا.. كالنساء الواثقات بسحرهن و كيدهن

سيرى ببطء يا حياة كى أتأملك ..

أسير ببطء

كالنساء الواثقات

بسحرهن

ببطء .. ب ب ط ء


البيت من قصيده الرائع محمود درويش " الآن فى المنفى"

السبت، 17 أكتوبر 2009

ده حزن ولا وتر؟


لأن " الحزن شاطر"

و " الفرح شاطر"

فلابد أن أكون " قادر فى الحزن أفرح "

ولابد أن " أرقص .. غصب عنى أرقص " لأذكر نفسى بأن" لسه الأغانى ممكنه "

فى بالونه صغيرة اشتريتها - ضمن بلالين كثيرة - لهذا الغرض تحديدا أضع الورقه الصغيرة المطوية بعنايه كرسائل الحمام الزاجل .. و فيها – الورقه - ما يضايقنى .. و أنفخ البالونه .. مع كل نفس أزفر غضبا و حزنا و مشاعر كريهة كثيرة لا أريد حتى أن أكتب عنها .. أعقد البالونه فى النهايه و أفتح نافذة الغرفه .. لا أنسى أيا من طقوس فتح النافذه مثل الابتسام و النفس العميق و فتح الذراعين الى آخر مدى كى أحتضن السماء .. أطلق البالونه الملونه و أتمتم " غورى ف داهيه " .. أغلق النافذة ومازالت الابتسامه على وجهى .

أقرر تأجيل بالونات الحلم البنفسجيه الى المساء .. فوحدها بالونات الأحلام ستعلو فوق كل هذا ..

أضع رأسى على الوسادة وقبل أن أنام أتساءل : " هو أنا اتجننت؟ "


العنوان : بره الشبابيك - محمد منير

هيه - محمد منير

على صوتك بالغنا - محمد منير

الخميس، 17 سبتمبر 2009

قلبى برج حمام


" - انت عارف يعنى ايه حب؟
- آه
- يعنى ايه بأه
- يعنى أبقى مبسوط و أنا معاكى .. ولما متكونيش موجودة اكتب كل الحاجات اللى حصلت فى نوته و لما تيجى احكيهالك .. يعنى أنا اللى أجيبلك الورد و الشيكولاته .. و أنا اللى أعلمك كورة .."
كلامه معقول و ما يتكلم عنه يبدو كالحب فعلا .. اذا لم يكن هذا هو الحب فما الحب إذن؟ "

أرز بلبن لشخصين - رحاب بسام

***************

أغلق الكتاب و أبكى للحظات .. لاأدرى لماذا جعلتنى تلك السطور تحديدا أبكى .. السطور من ذكريات طفولة الكاتبه و الذى يحدثها هو ابن الجيران البالغ من العمر وقتها ثلاثة عشر عاما .. كلمات بسيطة ولكنها موجعه أو هكذا رأيتها .. ببطء أنهض لممارسة طقوس الاحباط .. آخذ حماما باردا .. أمشط شعرى ببطء .. أحاول أن أضع طلاء الأظافر الفرنسى مرة بعد مرة و فى النهاية أزيله تماما .. أستبدله بالأحمر .. أزيله أيضا .. أقرر أن اؤجل طلاء أظافرى لوقت لاحق .. أتجه الى المطبخ و أحاول خبز شىء ما .. شىء بالقرفة .. لابد من نكهة القرفة لأنها تتناسب تماما مع الاحباط و الشجن .. بسكويت بشكل فراشات صغيرة؟! يبدو اقتراحا مناسبا .. أبدأ ما أنا بصدده .. أشعل الفرن و فى ورقه بيضاء أكتب " أنا قلبى برج حمام هج الحمام منه " .. أضع الورقه فى الفرن متمنية أن يحترق الاحباط باحتراق الورقة .. أبحث عن قالب الفراشات فلا أجده .. اللعنه !! فلنجرب قالب القلوب الصغيرة .. ليس سيئا الى هذا الحد .. قلوب بنية صغيرة بطعم القرفة لن تكون سيئة على الاطلاق.. أخبز البسكويت و أتناوله مع الشاى باللبن كالعاده .. ليس سيئا فى الواقع كما أنه رفع من روحى المعنوية نوعا ..
اذهب الى الشرفة .. الملجأ و الملاذ .. لابد من شرفة أو نافذة مفتوحه أو أى شىء يدل على أن العالم أوسع مما يبدو عليه .. لابد من أغنية تعطى أملا مناسبا ..لابد من لمسة فيروزية .. بكرة انت وجايى؟ ارغب فى سماعها بشده ولكن بدلا من ذلك أشغل صباح و مسا .. أدندن .. أدندن بصوت أعلى .. أعكس الكلمات بطريقتى الخاصة لأعكس معنى الأغنية تماما.. حيلتى الصغيرة التى أحب ممارستها فى أوقات مثل هذه .. لا تفلح الحيله .. القلم و الورقة .. أكتب .. لا فائده .. أطوى الصفحه و أرسم فراشه .. لا أجيد رسمها فيصير جناحها معوجا بعض الشىء ..

- أنا شفت فراشة بتطير بجناح مكسور .. فكرتنى بنفسى وأنا بقاوح مع الدنيا
- أنا بأه فراشة وقعت و الناس داست عليها

بالامس لم يكن سقف الغرفة قريبا هكذا ..لا أدرى أين قرأتها ولكنها تصف ما يحدث بدقه..

اللوحه قلبى برج حمام - سوزان عليوان
العنوان أغنية محمد منير بنفس الاسم

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

شمسيات و أحباب


سيكون الوقت صباحا .. نعم صباح خريفى رائع شمسه بعيده و سماؤه موحية بأمطار وشيكة .. سنكون فى الكوربه .. فليس هناك مكان مناسب أكثر منها .
سأكون بمفردى أسير باتجاه مقهانا المفضل حيث ينتظر بعض الاصدقاء .. اسير على مهل و أنا اذكر نفسى ان ليس ثمة ما يدعو للعجله .. استمع الى فيروز و اتنفس ببطء .. ب ب ط ء ..
ستكون انت فى بداية الشارع و فى يسراك مظله مطوية و فى يمناك تحترق لفافة تبغ .. لا تعرف الطريق الى ذات المقهى حيث ينتظرك بعض الاصدقاء ايضا .. سأمر بجوارك و سأشعر بقشعريرة لن أفهم سببها فى ذلك الوقت .. ستبتسم و تسأل عن الطريق .. و سأبتسم و انا أصفه لك .. لن تفهم وصفى فسأخبرك أننى متجهة الى هناك .. سنسير معا ..
سنتكلم عن الكوربه .. عن انها زيارتك الأولى لهذا الفرع بالذات من ذلك المقهى .. عن انه مقهاى المفضل .. عن مشروبى المفضل هناك .. و عن مشروبك المفضل أيضا .. سنتكلم عن سيجارتك التى تضايقنى .. ستسحب منها نفسها طويلا ثم تطفئها فى تهذيب .. سنتكلم عن الجو الخريفى الساحر الذى يسيطر على الأشياء .. سنتمنى لو تمطر .. سأخبرك انى أحب المظلات كثيرا و سأخبرك عن وجهه نظرى فى الشمسيات.. ستعرض على بكل جدية أن آخذ مظلتك و سأرفض ضاحكة لأن " أنا عايزة واحده بنفسجى .. " .
سأدندن أغنية فيروز التى أسمعها الآن .. ستدندن معى .. انت تعشق فيروز و تحفظ لها الكثير .. و تحب هذه الأغنية بالذات .. سنشعر بقطرات المطر على وجهينا .. ستفتح مظلتك بهدوء و تنشر أجنحتها فوقنا .. سأخرج باسمة من تحتها و أنا أذكرك ان الشمسيات صنعت لتحجب الشمس .. وليس المطر !! ستطوى مظلتك و تقبل بجنونى و ستبتل ثيابنا كثيرا .. سنضحك .. سنضحك كما لم نضحك من قبل ..
سنمر أمام المقهى بضعه مرات دون ان ندخل .. فقط ننظر له بتردد ثم نتابع نزهتنا الصباحيه تحت المطر .. سترن هواتفنا مرة بعد مرة .. لن نجيب .. فى المرة الخامسة لمرورنا سنضطر للدخول .. سأكتشف أنى لا أعرف اسمك بعد .. ستخبرنى به و سيكون كما توقعته .. سأخبرك اسمى فتخبرنى أنه كان خارج دائرة توقعاتك.. ستصافحنى قبل أن ندخل .. رغم أننا سندخل معا .. و عند الباب ستهمس " هاشوفك بكره " .. سأتساءل فى نفسى ماذا تعنى و كيف و متى و أسئله كثيرة ستسمعها دون ان أنطق بها .. ستبتسم ابتسامه واسعه قائلا : " ملكيش دعوه ازاى .. و فين و امتى و بتاع ايه .. هتشوفى .."


بعد عشرين عاما من ذلك اليوم سنسير معا كفا بكف كما اعتدنا ان نسير .. تماما كما فى لقاءنا الأول ستحمل المظله فى يسراك و فى يمناك سيكون كفى بديلا مناسبا للفافة تبغك.. سنتذكر ذات اليوم و ذات الصباح الخريفى و سندندن ذات الآغنيه .. سيعلو صوتنا مع اقترابها من النهاية
بكره لابد السما لتشيتينى عالباب
شمسيات و احبااااب
ياخدونى بشى نهار
واللى ذكر كل الناس
بالآخر ذكرنى .
.

الاثنين، 14 سبتمبر 2009

قص و لزق

-1-
خلافات عائلية من الدرجة العاشرة على مقياس النكد الاسرى يتولد عنها بكاء هيستيرى يدوم لبضعه ساعات يتخلف عنه أجفان متورمة و صداع مزمن و أداء بشع تتوقعه لامتحان اليوم التالى ..
اليوم التالى : يد صديق تربت كتفك بينما تحكى فى حنق عن كل ما يعصف بروحك هذه الأيام .. يهدئ من روعك و يخبرك بأنه هنا لأجلك فتهدأ ولوهلة تشعر بالأمان و بأن " مش كل شىء بيفوت ف عمرنا بيجرح " .. و تعود للبيت أفضل حالا ..
( ملحوظة : لم يكن أداؤك فى الامتحان بالبشاعه المتوقعه )
-2-
علاقة من أقوى و أثبت العلاقات فى حياتك تمر بمرحلة حرجة جدا تهدد سلامك النفسى ( هأو .. قالك سلامك النفسى) .. تقطع فى قلق سلم المشاعر الانسانية صعودا و هبوطا الى أن ترسو لفترة على ما تصفه اصاله ب " نص حاله " .. و فى خلفية رأسك يغنى منير " و ما بين كده أو كده مش مرتاح انا ... "
أداءك فى الامتحان التالى رائع بحق و لا يتماشى لحسن الحظ مع استهتارك بالأمس ..ومساءا تكافئك الحبيبة الصغيرة السمراء بعلبه لبن رايب و كيس شبسى عائلى .. أشياء هفت اليها نفسك بفعل اعلانات التليفزيون (هؤلاء القوم يعرفون ما يفعلونه حقا )..
-3-
تتخذ قرارا لست راضيا عنه تمام الرضا و تفضل الابتعاد عن المتابعه مع احتمال الفشل .. شخصية قلقه مثلك لا تحتمل ان يحدثها أحدهم عن نظرية الاحتمالات .. هل رأيت تلك الحلقه منgrey’s anatomy ؟ ربما من الأجدر بك أن تراها لتفهم ما أعنيه.. هذه هى الثقة التى أنشدها و لن اتنازل عنها ..
غيوم المشاكل العائلية تبدأ فى الانقشاع .. و الأمور تتحسن .. تصلك مساءا علبة ألوان خشبية ترفع من روحك المعنوية حتى السماء .. صدمة خلوها من اللون البنفسجى تثير بداخلك غضبا طفوليا .. " ازاى حد يحط اللون البنى بدل البنفسجى ؟؟ البنفسجى ده ملك الألوان " تتجه الى الورقه التى رسمتها منذ أيام و تبدأ بالتلوين .. لا لنؤجل الفراشة حتى نعثر على لون بنفسجى من أى مكان .. هنتصرف ..

*********
حمام بارد بعد احدى وصلات البكاء اياها يفلح فى اعاده حرارتى الى المعتاد .. اسير ببطء نحو أمى " ماما اعمليلى ضفيرة .. " تغالب تعجبها و تفعل ما أطلبه منها .. تتكلم كثيرا و هى تمشط شعرى كلاما لا أذكر منه سوى " أصل ربنا بيقطع من هنا و يوصل من هنا .. " اقبلها و اتركها و أمضى ..اسير بعدها نحو الشرفه .. أدخل و أغلق الباب خلفى .. أشعل شمعه الفانوس الزجاجى الذى حصلت عليه كهدية أكثر من رائعه من صديقة أكتر من رائعه .. أفترش الأرض امام الفانوس و أدعو: يا رب .. يا رب نفرح .. يا رب نرضى ..

الاثنين، 17 أغسطس 2009

2

هل يستحق المحمول التعس
الملقى باهمال
مغلقا
دون اعادة شحن
منذ ثلاثة أيام
فى حقيبة يدها
المعلقة فى ركن الغرفة
فرصة أخرى؟

الجمعة، 14 أغسطس 2009

1

نظرات السائق الشريرة
تحرق اجنحة بنفسجية
تنبت فى أطراف أصابعها
كلما مدت يدها عبر زجاج السيارة المسرعة
فوق الكوبرى ليلا
لتطير

الأحد، 19 يوليو 2009

أسهم فى روحى

فى رحلة السخنة

على الرمل .. الجميع يبنون قصورا و جسورا و أنا .. أبنى أحزانا من رمل
- ايه اللى بنيتيه ده؟
- ده برج حمام هج الحمام منه
ضحكات عالية كثيرة بعضها لى .. وغصة وحيدة فى قلبى ..


بعد رحلة السخنة بأيام

" و لقيتلك الباص على آخر اليوم بقى كله عصافير كناريا .. اجواز اجواز .. و ليقتلك نفسى زى السمكة فى قفص العصافير .. لوحديييييييييييييي"

منذ شهر تقريبا

ليل و أوضة منسية و سلم داير مندار..و أنا اترك حنينى يعتصرنى على مهل..
مازلت الى الآن عم ألف عناوين مش معروفة لمين .. وورديلن أخبار..
مازلت بانتظار الشمسيات و الأحباب كى ياخدونى بشى نهار ..
مازلت أرى أن فى ناس كتير لكن بيصير ما فى غيره
فيروز تقاسمنى الشاى و الشات
سمكتى تشبهنى .. وحيدة فى حوض زجاجى صغير
" كنت حاسة انى زى السمكة فى قفص العصافير .. لوحدييييييييييييييي"
بعدها بيوم
ماتت السمكة الوحيدة .. يقسم الجميع انها ماتت لأنها كانت مريضة أو لأن الحوض كان بحاجة الى موتور .. وحدى أعلم كم هم مخطئون .. وحدى اعلم انها ماتت من الحنين .
العنوان مستوحى من " كل الطرق تؤدى الى صلاح سالم " - سوزان عليوان

السبت، 11 يوليو 2009

ماريا

ماريا .. كل يوم ألامس وجهها بريشة ملونة لكى تزيح عنها آثار ارهاق الامس .. و تجعلها تبدو أجمل .. و أبادلها تحية الصباح .
كنت أعرف أن ماريا تكره نظرات المارة التى نادرا ما ترتفع الى وجهها .. فقد أخبرتنى بنفسها أن نظرات المارة و تعليقاتهم السخيفة التى لا تتجاوز ما ترتديه أبدا تجعلها تبكى طوال الليل .. وقد خاصمتنى ماريا عندما سألنى طفل يوما مشيرا اليها : ايه دى؟ فأجبت : دى عروسة كبيرة بنلبسها هدوم جميلة عشان الناس تشوفها .. فقد أغضبها أن وصفتها بال"عروسة" أمام الناس !! ربٌت كتفها بعدها و أخبرتها أن المارة سطحيون وحمقى و أننى وحدى أتأمل وجهها الأبيض الخالى من الملامح طويلا و أحبه حقا .. و أن الطفل ما كان ليفهم حقيقة أنها ليست جمادا كما يعتقد الناس .. ابتسمت لى حينها ابتسامتين .. واحده لرأيى فى المارة وواحدة لأنى قلت أنى أحب وجهها المصمت .
يوما بعد يوم أفكك اجزائها واحدا تلو الآخر برقة .. أختار لها ثوبا جديدا أنيقا .. و أضعه عليها بحرص .. وبينما أفعل ذلك أهمس لها كم هى جميلة و كم أحب وجهها كى أخفف من حرجها لتبديل ملابسها على مرأى من الناس . تبتسم ابتسامة لا يراها سواى .. و أبتسم ابتسامة يراها الجميع ويتساءلون ..
همست لى بالأمس : أنا لا أحب الجينز فلا تجعلينى أرتديه .. أشعر بالسخف عندما ارتديه .. ابتسمت ووعدتها ان أفعل .. و استبدلته بفستان بنفسجى جميل .. سألتنى هل سيأتى اليوم الذى أخرج فيه من وراء الواجهة الزجاجية فى فستان مثل هذا و تتشابك أصابعى الجبسية مع أصابع من يشبهنى؟ اطرقت لوهلة ثم ابتسمت و قلت : فقط لا تقطعى الأمل ابدا ..

الاثنين، 22 يونيو 2009

تك تتك تك

كان خميسا .. و كانت عادت لتوها من المدرسة بعد أن مرت على "المكتبة الخضراء" على بداية الشارع الضيق حيث تسكن .. بعد أربعة أيام من الحرمان من المصروف تستطيع الآن أخيرا ان تكتب بقلم سنون مثل قلم آية زميلتها فى الدراسة.. فبعد أن أعطت نجلاء مصروف الأحد كى تشترى شيبسى – ثمن كيس الشيبسى حينها 40 قرش .. ومصروف الواحدة منهما لا يتجاوز 25 قرش .. ونجلاء طفلة و تريد أن تشترى شبسى .. فأعطتها مصروف الأحد كى تشترى شيبسى ولبان – و ضاع مصروف الاثنين منها بعد أن عجزت عن مقاومة اغراء طابور الكانتين فى المدرسة لتشترى كاراتيه و سامبا .. تكمنت من ادخار مصروف الثلاثاء و الاربعاء و الخميس ليصبح المجموع 75 قرش .. و تشترى قلما ب 50 قرش و علبه سنون ب 25 قرش.
على السفرة جلست تجرب قلمها الجديد..و قلبها يكاد يتوقف من الفرحة .. وضعت السن فى القلم و راحت تكتب اسمها .. تك .. ينكسر السن .. تتك .. تعاود المحاولة .. تك ينكسر السن مرة أخرى .. تتك .. تجرب كتابة " بسم الله الرحمن الرحيم " عل الله يبارك فى القلم .. و تك .. يكسر القلم الردىء السنون الأكثر رداءة ولا يبارك الله شيئا .. مرة بعد مرة .. ينتهى السن .. تضع آخر ليلقى نفس المصير .. تدمع عيناها و تبدأ فى البكاء وسط قطع الرصاص الصغيرة المتناثرة حولها .. كانت تلح على أمها منذ زمن كى تشترى لها قلما بجنيهين أو أكثر لا ندرى .. مثل قلم آية .. أخبرتها أمها أن "تبطل كل ما تشوف حاجة تقول عايزة ..اكبرى بأه " .. كانت فى الصف الرابع الابتدائى حينها .
شعرت بغضب جعلها تمسك القلم الجديد و تك .. تكسره الى جزأين .. نظرت الى علبة السنون وفى رأسها نفس المصير .. ولكنها قررت أنها ربما ستتركها لحين تشترى قلما آخر .. نوع أحسن .

الأحد، 7 يونيو 2009

امرأة تعاقب ظلها

وقفت ترمقه ببرود وهو يحاول بحروف ساذجة تبرير حماقاته المتتالية.. ضجرت فأدارت وجهها عنه ثم الفتت مرة أخرى اليه .. صفعته فى حدة فبكت المرآة .. ثم استدارت و مضت بخطى ثابته و أغلقت باب الغرفة من خلفها .. حاول عبثا أن يتخطى السطح الزجاجى الأملس ليغادر المرآة و يلحق بها معتذرا فأبت المرآة و قالت " صبرا .. ستعود " فسكت .
أمضى أياما حبيس المرآة الى أن عادت .. ذات النظرات الباردة و ذات الغضب .. نظر اليها باكيا معتذرا .. لم تهتز .. ذات النظرات الباردة و ذات الغضب .. اعتذر كثيرا و لم تعلق هى .. كانت غاضبة بحق..ظل يعدها للمرة المليون انه لن يكرر ما فعله أبدا .. ظلت تسمع دون تعليق .. أخبرها أنه يحبها .. لم ترد .. لكنه عندما صرخ : " لماذا تعامليننى هكذا و كأننى شخص آخر؟ و كأنكِ أنتِ أخرى .. أنا أنتِ .. نحن ذات الشخص" نظرت اليه بحدة و اهتزت رموشها للحظة .. ثم تجمد وجهها على نظرة الغضب لحظات ثم عاد لبروده الأول فقالت : " لما آجى تانى مش عايزة ألاقيك هنا .. مفهوم؟ "و قبل أن ترى وقع كلامها عليه انصرفت بخطى ثابته و قلب من البللور البارد .. انهار هو و ربتت المرآة كتفه فى حنان : " لا تقلق .. سوف تصفح فأنا أعرفها جيدا " .. لم يهدأ بل غاب عن الوعى للحظات ..
عندما أفاق كانت هى أمام المرآة تنظر اليه عبر السطح الزجاجى .. " أنا مش قلت مش عايزة أشوفك هنا تانى؟"نظرت اليها المرآة عاتبه .." لم ألق من قبل من تطرد ظلها من المرآة .. لم يخطىء فلا تصبى غضبك عليه .. بل أنت المخطئة .. " ردت فى حدة " اسكتى انتى .." نظرت اليها المرآة باسمة .. لقد رأت من جنونها الكثير و فشل كل ما رأته فى أن يحملها على كراهيتها .. هى مجرد طفلة تعسة تتسلى بكسر ألعابها واحدة تلو الأخرى ثم تبكيها بحرقة سرا..
" أنا لن أغادر " قالها فى تحدِ .. " هذا مكانى و كلما مررت هنا ستجديننى .. أنا أسكن هنا .. أنا .. أنت .. المرآة.. ثلاثة أوجه لذات الشىء .. " نظرت اليه باندهاش .. هل يظن الأحمق أنه يملك من أمرها شيئا؟ بل هل يظن أنه يملك من أمره هو نفسه شيئا ؟ ضحكت ساخرة .. هزتها ضحكته من الأعماق و ان ابدى التماسك ..
" أنا زهقت منًك " ثم نظرت الى المرآة و أردفت " و منك انتى كمان..انتو خدتوا أكتر من وقتكوا " .. تبادل مع المرآة نظرة ذات معنى .. "هل جنت ؟" قالها للمرآة همسا فابتسمت و أشارت أن " من زمان " .. لم تحتمل سخريتهما فأخرجت قطعه البللور البارد من صدرها و قذفتها نحو المرآة ..تكسرت المرآة و تحولت الى قطع صغيرة لامعه .. وتكسر هو و تحول الى قطع صغيرة دامية .. ولكن أتعلم ؟ تكسرت قطعه البللور أيضا .. و تحولت الى قطع صغيرة مؤلمة .

الأربعاء، 3 يونيو 2009

حزيران الأول

لعل الأمر خارج عن ارادتى حقا بالرغم أننى لم أصدق يوما أن ثمة ما هو خارج عن ارادتنا.. لكنها ليالى بداية الصيف المقمرة تبعث فى النفس أشجانا كثيرة .. و تجبرك أن تسير نحو صفحات من حياتك مزقتها بنفسك فيما مضى برضا نفسى تام ..
منذ زمن لم أستمتع بصحبة فيروز فى الشرفة ليلا مع مج الشاى باللبن العتيد .. لذا تجاهلت الامتحان الوشيك و زنقة المذاكرة اللعينة ودخلت الى الشرفة مع رفيقى عمرى .. فيروز و المج .
اليوم هو الأول من حزيران و القمر قوس فضى فى السماء بلا سهم أو رام .. الهواء بارد و لطيف كأن عاما لم ينقضى .. فيروز تغنى " بحبك عا طريق غياب بمدى لا بيت يخبينا ولا باب .. خوفى لا الباب يتسكر شى مرة بين الأحباب " .. أذكر عندما رددت له تلك الجملة بالتحديد منذ عام تقريبا و أجاب " ليست كل الأبواب تغلق .. واذا أغلق باب علينا نزعه " كم راقنى رده وقتها و كم كانت كلماته عموما تروقنى ..
صوتها الآن يغنى " بعدك على بالى " و الأصوات الآتية من الداخل و من الشارع قررت أن تخرس قليلا كى أستمتع أنا بهذا الجو الساحر وحدى و أتساءل .. هل تراه مازال كما عهدته يعشق الشرفة و فيروز و ليالى الصيف المقمرة؟ هل مازال يكره الشاى باللبن و يتعجب من عشقى له دون داعٍ؟ هل مازال يخجل من حبه للقطط الصغيرة ؟ هل تعرف أننى أخيرا تمكنت من اقناع أمى و أربى حاليا قطة؟ نعم بالفعل اسمها موكا و عمرها 3 شهور أو يزيد .. صغيرة فاتنه هى و كثيرا ما تذكرنى بك .. هل تعلم أيضا ؟ أحاول اقناعها – امى – بأن نربى سمكتى زينه أيضا .. كما كنا دوما نتمنى أن نفعل .. "سمكتين عشان متكونش واحدة وحيدة " كما كنت تردد دوما.. دورى و مرهف ان كنت تذكر .. يااه . . هل انقضى العام حقا؟
التقط المج الذى أخذتنى أفكارى حنى برد كالعادة و أشرب ما فيه من باب عقاب النفس .. أقرر و أنا أغلق باب الشرفة خلفى أن أكف لفترة عن ممارسة الحنين عمدا .. وألا أعود الى جلسة الشرفة ليلا الا بعد أن اتأكد أن فيروز و المج – فقط – هما من سيرافقانى .

السبت، 16 مايو 2009

النافذة

حالة غريبة من عشق النوافذ أمر بها منذ مدة ليست بالقصيرة ولكننى بدأت ألاحظ تفاقم أعراضها مؤخرا ممثلة فى خواطر فلسفية بحته تدور حول شباك الأوضة ..فى الواقع معظم الأوقات التى امضيها فى التأمل غالبا ما تكون عينى معلقة بالنافذة و رأسى فى عوالم أخرى .. ولا أدرى لذلك سببا ..أتمسك أيضا بحقى فى أن أفتح النافذة بنفسى فى الصباح بحيث لا أتردد – ان سبقنى أحدهم و فعل – فى غلقها و فتحها مرة أخرى مع رغبة تصاحبنى مؤخرا فى احتضان السماء من النافذة ..
خاطر فلسفى رقم واحد - هل النافذة أسعد من الباب؟
أفكر حاليا فى مدى تعاسة و سعادة الأشياء المحيطة بنا مع مسحة من الرثاء لكونها – الأشياء – تعجز عن التعبير عن مشاعرها .. من وجهة نظرى النافذة أسعد من الباب .. النافذة المطله على الشارع الصغير الهادىء أو على الحارة الصاخبة أو على الميدان المزدحم أسعد كثيرا من الباب الذى لا يرى من الناس إلا أهل الدار أو الغرباء الذين يطرقون بابهم .. النافذة تحتضن السماء أو تتمنى لو تفعل و انا .. أحتضن النافذة أو اتمنى أن أفعل..النافذة ترى العصافير يوميا .. و ترى السحب و تغسلها الأمطار أحيانا ..
إذن النافذة أسعد من الباب
خاطر فلسفى رقم اثنين - هل تحب النافذة البيت؟
النافذة مرتبطة بالبيت ارتباطا شرطيا.. فبدون بيت لا داعى للنافذة و لن تكون سوى جسم خشبى هامد فى ورشة نجار ما أو معرض ما للأثاث .. ولكن لابد وأن تحلم النافذة بالطيران يوما .. كل هذه العصافير و الفراشات التى تحوم حولها و تدعوها للعب وهى لا تستطيع لأنها مثبتة فى الجدار .. لابد و أن تتولد لديها رغبة فى الهروب.. لابد و أنها حاولت و رسمت خطة بعد خطة للهروب من البيت ولكنها .. أدركت لا ريب أنها إن هى هربت من البيت لن تطير .. ستسقط.. ستهوى من حالق و تتكسر.. و سيجرح زجاجها الأطفال الذين اعتادت أن تشاهدهم يلعبون فى الشارع .. ولن ترى العصافير ولا الفراشات ولا ضفيرة البنت النائمة على السرير أسفل النافذة ..
إذن النافذة تحتاج البيت ولكنها لا تحبه
خاطر فلسفى رقم ثلاثة - هل تحب النافذة البنت ذات الضفيرة الواحدة؟
كل صباح تنهض من فراشها و ترتبه بعنايه ثم تقف على السرير و تفتح النافذة و تهمس إليها باسمة : " صباح الخير " .. تمضى معظم أوقاتها فى الغرفة تذاكر أو تكتب أو تستمع الى منير و من آن لآخر تنظر الى النافذة.. ثم تنظر الى السماء عبر النافذة .. ثم تتابع ما كانت تفعلة و تتناسى الموضوع برمته .. النافذة تسمح بدخول الهواء الذى يجعل الأوراق تطير و تطاردها البنت ذات الضفيرة الواحدة فى أنحاء الغرفة .. ما ان تستقر حتى ترسل النافذه تنهيدة أخرى تبعثر الأوراق من جديد فتنظر البنت الى النافذة فى عتاب .. تبتسم النافذة فى خجل و تكف عن ألعابها الطفولية حينا .. ثم ما تلبث أن تعاود الكرة من جديد .. النافذة تلعب مع البنت ذات الضفيرة الواحدة ..
إذن النافذة تحب البنت ذات الضفيرة الواحدة
الاستنتاج العام :
- أنا أحب النافذة
- النافذة أسعد من الباب
- النافذة تحتاج الى بيت ولكنها لا تحبه
- النافذة تحب البنت ذات الضفيرة الواحدة
تتمنى البنت ذات الضفيرة الواحدة أحيانا أن تطير النافذة لتطارد الفراشات .. و ربما تتمنى النافذة أن تتحول يوما .. الى بنت بضفيرة واحدة تطارد أوراقها عبر الغرفة.

الأربعاء، 6 مايو 2009

ربع ملعقة سكر

عندما عاد اليها - بعد فتور بينهما دفعها الى أن طلبت منه ان يبتعد لفترة ليراجع حساباته المعقدة مع نفسة و يتخذ بشأنهما قرارا - لم يكن يدرى أنه عاد الى نفسه .. لم يكن يدرى مثلا انها كانت تضع ربع ملعقة اضافية من السكر فى فنجان شاى الصباح الذى طالما اعتقد انه لا يحتوى سوى ملعقتين و نصف .. والذى طالما تعجب لكونه " أطعم من ايديها.. و بجد ".
لم يدر ابدا انها طوال هذه الفتره كانت تضع عطره المفضل لا عطرها المفضل .. لم يدر أبدا حقيقة بقائها مستيقظة ليلا فقط تتأمل وجهه فى حنان و تعد رموش عينيه مرة بعد مرة حتى يغلبها النعاس ..

السبت، 2 مايو 2009

سيناريو معتاد جدا

أخرجت الصندوق الكبير الذى أخفيه فى مكان لا يعرفه أحد و فتحته.. أخرجت مفتاحا ذهبيا و ابتسامة و جناحين و قلما و دفتر .. أغلقت الصندوق و أعدته الى حيث أضعه ..
وضعت الابتسامة فوق وجهى بعد أن سقطت تلك التى كنت أضعها قبلا .. وثبت الجناحين بإحكام و حلقت حتى بيوت الفرح .. اجتزت البوابة البنفسجية و أدرت المفتاح الذهبى فى الباب و دخلت .. جلست فى الشرفة المطلة على البحر والحديقة لأجد قدحا من " الموكا" الدافئة بانتظارى .. أخرجت القلم و الدفتر ورحت أرسم .. وردة و بيت و قلب وعلم ..
انتهيت من الموكا و الرسم فذهبت للغرفة المحظورة .. فتحت صندوقا آخر ووضعت مجموعة جديدة من الهموم وأغلقته باحكام كى لا تهرب .. وغادرت الغرفة مسرعة .. إلى الغرفة المطلة على البحر قرب النافذة حيث أجلس دوما .
(أعلم أننى سأعود لا محالة ولا أبالى .. فأعيش اللحظة باحتراف أعرفه عن نفسى )

" - طب ليه متعيشيش فى بيوت الفرح على طول؟
- بيوت الفرح اتعملت عشان نهرب لها مش عشان نعيش فيها .."

لأن الفرحة لا تنقر بابك فى خجل طالبة الأذن فى الدخول الى حياتك .. و لأن السماء لا تمطر حلوى ..

الثلاثاء، 7 أبريل 2009

تعادل

جلست أمامى على الأرض تحتسى كأس شيء ما..و أحتسى أنا الشىء ذاته دون أن أعرف ما هو و دون أن أذكر من منا أحضرته و لم..رشفت رشفة و قالت و تقلصات وجهها الناتجة عن طعمه البشع لم تختفى بعد :
- و ايه يا قطة؟
- و بى يا حياتى
- هنئلش بأه؟
- الموجود
- أحسن
عدلت خصلة من شعرها كادت تخفى عينيها..أطرقت..رفعت الكأس الى فمها و رشفت رشفة أخرى..
- لطيف (1)
- اشطة فى اللذيذ يعنى (قلتها و رفعت كأسى الى فمى)
- طب؟ ما ياللا
- مينفعش
- ليه ولا مؤاخذة؟
- عارفة لما العشرة بينك و بين حد تزيد أوى لدرجة انها تمنع ان علاقتكو تتحول لأى حاجة تانية؟
- مممممم..مش عارفة..أنا أسمع ان العشرة ممكن تخلى الحب يجى..بس أحيانا ممكن تمنعه فعلا..
- أهى دى بأه من الأحيان اللى بتمنعه
- ممممممممم
بدأت أقضم أظافرى من باب تزجية الوقت..رفعت كأسى أختفى خلفه و أسأل :
- أخبار (2) ايه؟
- عادى..زى ما هو
- و حب ولا لسه؟ مظنش سهل ينسى (ابتسمت و تناولت القليل مما فى كاسى..اللعنه هذا الشىء كريه حقا)
- اسم الله عليكى..مش سهل ينسى..أهو عامل زيى..مش مستنى حاجة من حد..و مش حاسس حاجة من حد..أنا مش رايح أنا مش جاى انا مش واقف حتى مكانى(و ابتسمت ابتسامة بنية- بلون الهالات تحت عينها اليسرى - ذات اطار مر)
- بس أنا حاسة انه هيحب قريب أوى..ان واحدة من اللى حواليه هتعرف تثبت نفسها .. و تخليه يسلم..
- ياااه..تفتكرى؟
- بصى .. أنا حاسة ب (2) دايما..لما أبقى واحشاه بحس..و لما يبقى مشغول عنى بحس..رغم انى مش بشوفه ولا حتى بسمع عنه..لكن بكرة تقولى أنا قلت..هو دلوقت مشغول بواحدة
- لأاااااااااااا
- انا مقلتش بيحب..أنا قلت مشغول
- أقطع دراعى لو كنت فاهمه حاجة
- ............. (أنظر الى كأسى..ثم الى كأسها..ثم الى كأسى مرة أخرى و أشرب جرعة لا بأس بها)
تناولت هى خصلة شعرها التى جمعتها الى الخلف منذ قليل..بدأت تلفها حول سبابتها ايسرى و تحتسى ما فى كأسها بيمناها.
- غريبة الناس .. غريبة الدنيا
- ......... (ابتسامةة بنية بطعم الكاكاو الخام)
- قابلت (1*) من اسبوووووووووووع
- يا سلااااااااااااااااام؟ ( ابتسامة )
- والله..
- أخبارها ايه؟
- تمام الحمد لله..كانت واحشانى والله
- ميوحشكيش غالى
- بلا نيلة ماهو واحشنى فعلا
- ........ (ابتسامة الكاكاو الخام)
- أنا مبكيتش فى حياتى على حد قد ما بكيت على البنى آدم ده..عارفة معاملة الprincess ؟
- هتقوليلي (ابتسامة)..على يدى (نصف ضحكة)
- ماخدوش يا بابا (نصف الضحكة الآخر)
صمت..كلتانا تنظر الى كأسها..مأساة اتخاذ القرار تتكرر مع كل رشفة جديدة..هذا الشىء بشع حقا..
- سألت على (3) قريب..
- يا شيخة؟
- و غلاوتك عندى
- ها
- قالولى يااااااه دانتى قديمة أوى..ده مات من زمان
- فعلا؟ (ارشف رشفة جديدة)
- فعلا..(نظرت الى الأرض..) بيجى على بالك؟
- اه (ابتسامة الكاكاو الخام)..بسأل نفسى كتير أوى بيعمل ايه دلوقت و بيحلم بمين؟
- ياه على ام الأغنية
- آآآآآآآآآآآه..زبالة فعلا.. كتير ببقى نفسى أعرف يا ترى مبسوط؟ يا ترى عايش ازاى؟ لسة بيعمل الحاجات اللى كان بيعملها؟ نفسى يا يبطل..يا ينبسط لكن يفضل كده بيعمل كده و كمان مش مبسوط..كتير بصراحة (ابتسامة الكاكاو الخام)
- ربنا يهدى
- ربنا يشفى
نظرت الى فجأة و قالت:
- عارفة أكتر حاجة بتعجبنى فيكى ايه؟
- ايه؟ (ابتسامة)
- انك بتعرفى تشيلى الناس من حياتك
- (ضحكة) دكتوراه فى moving on
- بجد والله.. بتعرفى to move on easily
- بس دى مش حاجة حلوة.. كتير بيبقى فى حاجة/حد صعب انها تفضل فى حياتك .. و ساعتها بيبقى فى اختيارين..يا تتمسكى بيها وخلاص..و دى حاجة أنا مش بعرف أعملها .. يا تبعدى..و دى حاجة انا محترفة فيها..فدايما بختار الحاجة الى بعرف أعملها..ببعد و بتأقلم على الحياة من غير الحاجة/ الحد ده .. نفسى مرة مبعدش بأه..
- انا عكسك تماما..مش بعرف أتأقلم على انى أخسر أى حاجة و مش بعرف آخد قرار الانسحاب ..
صمت..هل انا الوحيدة التى يخيل لها هذا أم أن كؤوسنا لا تنقص فعلا؟ صار لنا زمنا نشرب منها و نتحمل طعمها المقزز ولكنها فعلا لا تنقص..و نحن لا ننتشى ولا نفرح ولا نغيب عن الوعى..
- الهباب اللى احنا بنشربه ده مش هيخلص؟
- انا عارفة؟
- هو مين اللى جابه؟
- مش فاكرة
- أبو السطل..طب هاتى
ناولتنى الكاس بريبة..تناولتها مع ابتسامة ارستقراطية لا مناسبة لها ثم طرااااااااااااااااااخ .. هشمت كأسينا معا فى الحائط المقابل..لماذا نفعل أشياء لا طائل من ورائها و تضايقنا فى نفس الوقت؟ انا لا أجد تعذيب النفس مسليا الى هذا الحد.. نظرتها المندهشة سرعان ما تبددت و صارت ضحكة ( حقيقية) و سرعان ما شاركتها الضحك..ارتفعت أصواتنا عاليا ..
- حاجة كمان بحبها فيكى
- خير؟
- قدرتك على ان كفاية كآبة هى كفاية.. بتغيرى مودك للأحسن بمزاجك
- لا داعى للتصفيق
- والله بجد..نكتئب تكتئبى انتى شوية و بعدين مرة واحدة خلاص..كفاية كده
- و أروح مشغلالك الكينج .. و أطلع على بيوت الفرح عدل (ابتسامة حقيقية)
- آآه..ممكن (ابتسامة حقيقية)
هل أخبرك أننا عندما نظرنا الى الجدار حيث هشمنا كأس الحزن من لحظات لم نجد الجدار ولا الكأس..وبدلا منهما وجدنا نافذة مفتوحة و دفتر؟ لا داعى..
هل أخبرك أننى عندما التفت اليها لأخبرها عن النافذة لم أجدها ؟ لن يشكل هذا الفارق الكبير..
(1) واحد كده
(2) احدهم
(3) آخر
(1*) واحدة كده
أنت لا تحتاج لأن تعرف المزيد .. دع الفرصة لعقلك كى يحيك للحوار ما يناسبه من الدراما..من أنا ؟ من هى؟ لكم أكره اهتمام الآخرين بتفاهات و اهمالهم لب الموضوع !! ..و لكن كى يستريح قلبك لسنا شخصا واحدا.. وربما تستريح أكثر اذا علمت أن الحوار ليس بالكامل تخيلى..أقرب للحقيقة بكثير منه الى الفانتازيا.. لذا حاول أن تستمتع قدر استطاعتك..و ليسامحنا الله جميعا.

الجمعة، 3 أبريل 2009

أعز الناس

على طول الحياة..نقابل ناس..ونعرف ناس
ربما قلت هذا كثيرا من قبل و كررته لدرجة الملل ..ولا أمانع تكراره للمرة الألف .. أكثر ما أحبه فى " شغلانه الدكترة دى " هو الفرصة الذهبية لمقابلة أناس جدد كل يوم..كل يوم تدفع بك الظروف فى حياة أحدهم..زميل جديد..مريض جديد..عابر سبيل..أيا كان.. ربما يجد البعض الأمر ليس ذى بال و لكننى أجده متعة حقيقية..أن تتعرف الى أشخاص جدد..تساعد البعض و يساعدك البعض الآخر..أو تكتفى بمتعة تبادل تحية الصباح مع شخص لا تعرفه فيبتسم و تبتسم و يمضى كل منكما الى حال سبيله..أو تخبر شخصا لا تعرفه أنه يبدو جميلا هذا الصباح فيبتسم أيا كان حجم ما يثقله من هموم..
و نرتاح ويا ناس عن ناس.. ويدور الزمن بينا..يغير لون ليالينا ..
و بين كل من تقابلهم يوميا .. هناك أشخاص يعرفون طريقهم الى قلبك..لا بهدف المرور كما تفعل الغالبية العظمى.. بل بهدف الاقامة الدائمة.. أشخاص يتركون بصمة واضحة فى روحك..أشخاص قد لا يسعفك العمر بامضاء الوقت الذى تتمنى أن تمضيه معهم فتجد نفسك تلقائيا تحاول الاستمتاع بكل ثانية يتواجدون فيها حولك.. و يساعدونك هم فى ذلك..يشاهدونك فى كل حالاتك و يشاركونك حزنك و فرحك ما استطاعوا اليك سبيلا..
و نتوه بين الزحام و الناس..و يمكن ننسى كل الناس
قديما قيل " تعاشر يا ابن آدم تعاشر..مسيرك يا ابن آدم مفارق " .. حتى من نحبهم ولا نرانا بدونهم يختفون مع الوقت..يسافرون..يتزوجون..أو فقط يبتعدون لأن عجلة الحياة دفعتهم بعيدا عن دربك..الأمر الذى اعتاد ان يكون محزنا و دراميا الى حد البكاء بالنسبة الى حتى فترة ليست بالبعيدة جدا..ثم بدأت بعدها أتأقلم و أكتفى فقط بالتلويح و الابتسام لكل من يغادر حياتى .. متمنية الحظ السعيد للجميع.. الطريف أننى وجدت أنهم يعودون للتواجد مرة أخرى..و بالرغم من أن سيد حجاب كان مبدعا حين قال " عمر الوشوش ما بتبقى بعد السنين..نفس الوشوش دى بتبقى شىء تانى" الا أن نشوة اللقاء غالبا ما تكون كفيلة بمحو شجن الاختلاف ..
ولا ننسى حبايبنا..أعز الناس .. حبايبنا..
أشخاص بعينهم مرسومون فى حياتك و لن يتغير هذا أبدا..أشخاص بعينهم لا يملك قلبك الا الخفقان لدى رؤيتهم الشىء الذى يلازمك أبدا كتعويذة ألقتها ساحرة فى احدى حكايا الجن..أشخاص بعينهم تحضرك صورهم عندما تسمع أغنية بعينها أو تمشى فى شارع بعينه أو تلتفت للسماء فى وقت بعينه..فتبتسم فى نفسك و تتساءل "يا ترى عاملين ايه؟"
سنين و سنين بتفوت ما نحس بوجودها ولا وجودنا..ولحظة حب عشناها تعيش العمر تسعدنا
و الحب عندى كمنظار ملون..ما ان تشعره حتى تجده يصبغ مشاعرك تجاه كل شىء..و كل الناس..حتى و ان انتهت علاقة بعينها كانت هى الجسر الذى عبر الحب الى حياتك من خلاله..يظل حبك للحياة و الأشياء نمط حياة.. تظل البهجة تلون روحك و تلون الأشياء من حولك..

" على طول..على طول الحياة..
نقابل ناس
و نعرف ناس
و نرتاح ويا ناس عن ناس
و يدور الزمن بينا..يغير لون ليالينا
ونتوه بين الزحام والناس
و يمكن ننسى كل الناس
ولا ننسى..حبايبنا
أعز الناس..حبايبنا..أعز الناس
سنين و سنين بتفوت ما نحس بوجودها ولا وجودنا
ولحظة حب عشناها تعيش العمر تسعدنا و تسعدنا"
الأغنية أعز الناس-عبد الحليم حافظ
التدوينة مهداة الى أشخاص بعينهم أسعدتنى الحياة بوجودهم حولى وهما عارفين نفسهم :)

الأربعاء، 1 أبريل 2009

احتفال مبكر بعض الشىء

قرابة العام من الشيزوفرينيا.. عاما أمضيته مع نفسى و مع الآخرين فى المرآة ينطبع كلا منا على الاخر و تتوه تفاصيلنا فلا أعلم من أنا و من سواى ..
مرآتى الجميلة التى أكون فيها كما ينبغى أن أكون .. و أعبر من سماء الى أختها كما يفعل الحالمون.. مرآتى حيث أجلس و أمدد ساقاى و أشرب الشاى بالحليب و أثرثر معى..مرآتى التى شهدتنى أنكسر و أنهض و أنكسر و أنهض ولا أجد مكانا سواها أفر اليه لأجدنى .. لألملم شظايا البللور المكسور و أعيد اصلاح ما أتلفته.
خربشاتى الساذجة على زوايا المرآة و الكثير من الذكريات وصور الاخرين تشكل أصدق بطاقة هوية يمكننى الحصول عليها على الاطلاق .. مرآتى هى وطنى و مكانى و الشىء الوحيد الذى أنتمى اليه انتماء غير مشروط .. مرآتى حيث أهذى ولا أجد من يطالبنى بتفسير .. حيث " احب حاجات ميحبهاش غيرى " .. مرآتى و صوت فيروز يؤنسنى .. و منير يطلب منى الا أكف عن الحلم لأنى " لو بطلت أحلم هموت " و حيث يطمئننى وجيه عزيز بأن " مسير الضى لوحده هيرجع .. ومسير الضحك لوحده هيطلع".. مرآتى و أشعار درويش و نزار قبانى ترسم دربى .. و يد أمى أتوكأ عليها و أمضى .. مرآتى حيث أمارس فعل الحنين علنا و عمدا مع سبق الاصرار. فتمضى الحياة بالايقاع الذى أرسمه لها .. و اكون مع من أحب وقتما أحب و كيفما أحب .. حيث لا أكتم أنينى ولا أفتعل الضحك .. حيث لا أكذب ولا أتجمل .. حيث أبكى .. مرآتى حيث أكون .. ببساطة حيث أكون ..
لم يكد العام يمضى بعد و لكننى أتوق للاحتفال و سأفعل .. شيزوفرينيا .. كل عام و أنت أنا.

السبت، 14 مارس 2009

أحلى الاوقات



السادسة صباحا-الميكروباص

القاهرة كما لم أرها من مدة تفرك اجفانها و ترتدى ببطء ثوب اليوم الجديد..قمر منتصف الشهر لم يزل ساطعا بعد بالرغم من أن أشعة الشروق الذهبية قد عرفت طريقها الى السماء..الشوارع خالية أو تكاد و الجو بارد نوعا..و أنا اعاند رغبة السائق و الجالس بجوارى و أفتح النافذة و أدع الهواء البارد يلمس وجهى و يضايق الجميع..لحظات من الهدوء شعرت معها اننى أفتح بابا معينا فى نفسى و أمنح اليوم فرصته الذهبية ليكون بالروعة التى اتمناها..

العاشرة صباحا-الشاطىء
حالة عامة من الجنون و الفوضى..ضحك يصل الى حد البكاء أحيانا..أحذية الفتيات أتلفها الماء المالح و الرمال تلتصق بأقدام الجميع..نوبة من العته تتمثل فى الاصرار على لعب الكراسى الموسيقية بحيث أطارد فتاة حول كرسى بلاستيك موضوع على الجزء الذى تبلله مياه البحر من الشاطىء حين تشغل أخرى أغنية " نعناع الجنينة" لمحمد منير كخلفية موسيقية.. تصفيق..ضحك..دعابات..ينتهى الامر بأن أقع على الرمال بعد أن دفع انتهاء الموسيقى الفتاه التى كنت اطاردها لأن تبعد الكرسى فى اللحظة الذى أقرر فيها الجلوس.. يتابع الجميع سقوطى ضاحكين و تلتقط "وغدة" ما صورة للحمقاء التى افترشت الرمال ضاحكة -أنا-

الحاديةعشرة صباحا-المنديل

تقرر البنات لعب المنديل لتصتف ثمانية فتيات على الرمال و الضحك من القلب هو أهم ما نشترك فى فعله..عند رقم بعينه أنطلق لالتقاط المنديل و اخذه و اعود جريا فقط لأسقط ثانية قرب مكانى و ينفجر الأوغاد ضاحكين..
- انتى جاية النهاردة عشان تقعى؟
يقولها أحدهم بالتهكم المناسب فأرد أنا بالاستعلاء المناسب لواحدة سقطت مرتين خلال ساعة و نصف و قد رفعت المنديل بانتصار :
- المهم انى أخدت المنديل
لينفجروا ضاحكين مرة أخرى..

الثانية عشرة الا ربع-البيكينى !!

أربع أو خمس فتيات يقطعن الشاطىء بالبيكينى و الكاش مايوه ليذبهل الجميع وترتسم نظرات عجيبة فى أعين الشباب..نتوقف عن اللعب و نقرر أن " نلحق رجالتنا قبل ما يضيعوا" و تقرر البنات أنه وقت صلاة الجمعه..و أن الشباب لن يبقوا على الشاطىء ولو لثانية فى وجود ذوات البيكينى..
- قوموا اتوضوا
-لسة شوية ع الصلاه
-هى كلمة واحدة..قوموا اتوضوا
ينصاعوا فى النهاية حانقين و يغادروا و قد التوت اعناقهم جميعا و نجلس نحن تحت الشمسية و ننفجر بضحك هيستيرى و تعليقات لاذعة على أثر البيكينى !!

الثالثة الا ربع-اللسان

الجسر الممتد الى قلب البحر كان المكان الأمثل لتأمل شمس العصر..جلسنا جميعا واضعين أقدامنا فى الماء حتى من يخشى البحر منا..القلب مفتوح على الأيام و البحر سعيد كما يقول درويش..دعابات حول رغبتنا فى القاء احدهم فى الماء ثم حالة هيستيرية من القاط الصور مصحوبة بالكثير من الضحك و النكات..لحظات خاطفة من الشرود ثم عودة سريعة للجو العام الذى يسيطر علينا منذ بداية اليوم.

الرابعة و النصف-البحر

فى البدالات الثلاثة التى استأجرناها لتمضية بعض الوقت فى البحر تتملك ركاب البدال الذى أركبه نوبة طرب مفاجئة لنشكل أجمل و أغرب جوقة ممكنة بدءا من "يا سلام سلم على رحلتنا بس يا رب نروح بيتنا" و حتى "وان لاقاكم حبيبى سلمولى عليه" و " يا عينى يا لا للى"..
اكتشف ان ساقى تؤلمنى و أنفاسى تتقطع تدريجيا و أن صحتى عموما لا تحتمل مقامرة قيادة البدال..الشىء الذى أتركه لسواى و أكتفى بالغناء و الضحك ووضع قدمى فى الماء..الشمس على البحر و من خلفنا الجبل منظر كافى لاغراق كل ما قد يضيق به صدرك..حالة من النشوة تجعل قلبك يتسع بحجم المحيط و ينبض بحب الحياة و الناس.. نوبة هيستيرية من رش الماء على ركاب البدالين الاخرين نتج عنها أن ابتلت ملابسى أكثر مما كانت لتفعل لو نزلت البحر بها مما أثار حنقى..
لانش الفتى صاحب البدال يأتى لاعادتنا بعد أن اكتشف محاولتنا اللئيمة فى "الاستعباط" و امضاء وقت أطول فى الماء..

الخامسة عصرا-الشالية

اقدام كثيرة حافية ملوثة بالرمال و الجينز المبتل بالماء المالح و احساس عام بالبلل و الفوضى و الكثير من حقائب اليد و الظهر مفتوحة لتتبعثر منها الملابس و أدوات الماكياج..المشهد بالطبع من شاليه البنات حيث نبدل ملابسنا استعدادا لرحلة العودة و حيث اكتشفت أن حماقتى انستنى ان احضر ملابس اخرى ليتحتم على العودة فى ملابسى المبتلة..فى انتظار دورى فى دخول الحمام أجلس على السرير اتابع ما يجرى مع ما يناسب الوضع من التهكم و التريقة..حركة غير طبيعية تدب فى المكان و الكل يجرى فى كل اتجاه
- حد معاه ماسكارا؟
- شنطتى فين؟
- الموبايل بيرن..كانسلى انا مش فاضية
- ايشاربى كان هنا محدش شافه؟
-هو مين اللى فى الحمام؟
- خلصى يا بنتى مش طايقة المية المالحة على جسمى ...الخ
فجأة يبدأ الجميع فى الغناء : "بايام البرد..و ايام الشتى..والرصبف بحيرة..والشارع غريق..تجى هاك البنت..من بيتا العتيق..ويقلا انطرينى و تنطر عالطريق..و يروح و ينساها و تدبل بالشتى.." و الى الآن لا ادرى سر جمال أصواتنا فى تلك اللحظات..ولا سر الحماس الذى تملك الجميع بالرغم من أن الارهاق كان يقتلنا .. فانطلقنا نغنى بكل ما فينا من حياة اغانى الرائعة فيروز..عشرة فتيات تقريبا يغنين من القلب و يضحكن من القلب.. مرحلة جديدة تبدأ مع "سألتك حبيبى" ..أشرد قليلا مع " لوين رايحين" و " من مين خايفين" دون ان اتوقف عن الغناء ثم يعاودنى المرح عند "خلينا خلينا و تسبقنا السنين"..يستعجلنا الشباب الذين انتهوا من تبديل ملابسهم فى دقائق بينما أمضينا نحن قرابة الساعة فى الشاليه.

السابعة مساءا-الحافلة

ظلام زاده أن اطفأ السائق الاضاءة النيون المعتادة و استبدلها بمصابيح خافتة ذات ضوء حالم فوق كل كرسى..صوت أم كلثوم الذى ما كنت لأختاره أبدا- لأننى كما تعلم لا أحب أم كلثوم- ولكنه يضيف للصحراء ليلا سحرا لن تفهمه الا اذا عشته..لحظات من الوحدة التى تفتقد فيها ان يجلس شخصا ما بجوارك تسترجعان أحداث اليوم معا ثم ينظر كلاكما الى السماء ممتنا ان منحته الآخر..أغمضت عينى و تظاهرت بالنوم .. و استرجعت مع نفسى أحداث اليوم..ثم نظرت الى السماء ممتنة اننى أنا..و أن يوما مثل هذا كان كافيا لغسلى من الاعماق..
القاهرة تلوح من بعيد و أضواء المنازل فى الأفق تلمع كابتسامة طفل دغدغه غريب فابتسم رغم خوفه...والركاب بين نائم و متحدث فى الهاتف يخبر ذويه عن موعد الوصول..الارهاق و البرد يغلب على الجميع .. نصل العباسية فى النهاية لنتودع جميعا و يمضى كل منا الى حال سبيله..

"أكيد مش محتاجة أقول ان دى كانت رحلة مع الكلية للعين السخنة :) "

السبت، 7 مارس 2009

هذيان وحسب

كانت البداية - شأن كل البدايات - جيدة..فالبدايات دوما جيدة و الا ما استمر الامر..
و كانت النهاية – شأن كل النهايات – مؤسفة..فلو لم يكن الامر مؤسفا لما انتهى اصلا..
ثم كانت الفترة التى لم يعرف ايهما من هو أو من كان الاخر و كيف اصبح الجميع..هل كنت كذلك منذ البداية أم اننى اصبحت كذلك بعد ما حدث؟ هل انا المخطىء ام الاخر؟ الى اخر تلك الاسئلة العبثية التى لا تفضى الى شىء اللهم الا المزيد من الالم..
و كانت بداية جديدة غامضة نوعا.. و كل ما هو غامض يغرى بالاقتحام..
ثم ازدادت الامور غموضا – على غير المتوقع - فلم تعد تغرى بالمتابعة

ثم ارهق الجميع بحثا عن اجابات لأسئلة لا يدرى احد الى الان من طرحها و لم طرحت ..
ثم كانت نهاية اخرى و كل النهايات مؤسفة فلو لم يكن الامر مؤسفا لما انتهى
ثم كانت فترة يحاول فيها الجميع تلافى البدايات الجديدة
ثم..كانت بداية جديدة ..
مختلفة .. ففى داخل كل منا ملول يبحث عن الاختلاف .. ولو كان الامر مشابها لأيا من البدايات السابقة لما تابعنا..
ثم تعقدت الأمور بطريقة أو بأخرى – ودائما ما تتعقد الأمور بطريقة أو بأخرى-
ثم تباعد المقربون .. ثم تقاربوا فتباعدوا أكثر .. فافترقوا..
وكانت نهاية مؤسفة..وكل النهايات مؤسفة.. فلو لم يكن الأمر مؤسفا لما انتهى..
ثم كانت فترة يفكر فيها الجميع فى اسباب تتالى النهايات المؤسفة
ثم كانت بداية و حسب..
ليس فيها ما يغرى بالمتابعة و لا تختلف الا فى انها تتشابه مع جميع البدايات السابقة فى نفس الوقت..
ثم بدأت الأسئلة فى الطفو فتجاهلها الجميع
فألحت
فاستمر الجميع فى تجاهلها
فانصرفت و تركتهم دون نهاية.. يعيشون البداية الجديدة ..

الاثنين، 2 مارس 2009

اخر الخط

فى منتصف الطريق الذى يقطعه السائق العجوز- سائق الحافلة الخضراء الصغيرة – جيئة وذهابا منذ تسلم ورديته لا ندرى منذ متى ولا يذكر هو .. نوعية الركاب لا تتغير تقريبا .. هناك دوما عجوز شمطاء تسرف فى مساحيق التجميل و ترمق الاخرين فى شك و تعال لا مبرر له .. و سيدة اربعينية على اغلب الظن موظفة ترتدى الحجاب والعوينات و تقرأ أذكار من كتيب ما .. ثلاثة من شباب الجامعه يضع اثنان منهما سماعه mp3 أو شىء من هذا القبيل بينما يشغل الثالث اغنية ما لهذا ال"تامر" أو ذاك على هاتفه المحمول.. هناك ثلاثينى عصبى لا يكف عن اجراء المكالمات أو تلقيها .. هناك فتاه جامعية لا تكف عن تعديل تسريحة شعرها و اخرى محجبة من سن مماثل تنظر الى كفيها او الى النافذة .. لابد طبعا من عجوز ثرثار لا يكف عن اعطاء التعليمات كأنه احد جنرالات الجيش و كأن انتقال النقود من الركاب الى السائق و انتقال التذاكر من السائق الى الركاب يحتاج خطة حربية محكمة.. و هناك اخرين لا معنى لهم يصعدون و ينزلون و الحافلة تسير..

- هل لاحظت يوما فى حافلة غير مزدحمة كيف يصر الناس على ان يجلس كل منهم بمفرده على كرسيين متجاورين حتى يضطرهم الزحام الى التقارب؟ ليس هذا شأننا بأية حال فحافلتنا ليست بالفارغة -
اغانى الشاب الجامعى ينافسها صوت عبد الباسط عبد الصمد من المذياع الذى يفتحه السائق على اذاعة القران الكريم بالرغم من عدم استماعه هو شخصيا – ناهيك عن استماع الركاب – اليه .. يصعد خمسينى اسمر و يمد يده للسائق بالنقود ليبادره الأخير بدعابته المعتاده " كام واحد؟" و لكن الرجل فيما يبدو ليس فى أفضل حالاته المزاجية ليتقبل دعابات سائق حافلة فيرد بحدة " شايفنى قدامك كام واحد؟" ليصمت السائق تماما و يناوله تذكرته صامتا و يأخذها الرجل صامتا و يقف لعدم توفر اماكن شاغرة.. حين يصعد مراهقان لا يكفان عن "التسبيل" لأحدهما الاخر .. و الحافلة بعد تسير.
يصعد عجوز فى اشارة ما مستأذنا السائق ان يدعه فقط حتى المحطة القادمة – دون اجرة بالطبع- ليرد السائق الذى زالت عنه روح الدعابة :" التذكرة اتنين جنيه..ممعكش انزل" فيكرر الرجل طلبه فى رجاء و يدعو للرجل بأشياء لا يعنيها ليكرر السائق رده فى حدة اكثر .. فيهم بالنزول حين تخرج فتاه ثمن التذكرة من حقيبة يدها و تقبض على معصم الرجل الذى هم بالنزول "خليك يا والدى" فقط ليدفع يدها بقسوة و يتمتم بأشياء لم تتبينها و يغادر..
صمت سخيف منذ نزل العجوز زاده أن نزل الشاب الذى يصر على مشاركة ذوقه الموسيقى المتردى مع الجميع قهرا .. بالاقتراب من نهاية الخط يأخذ الامر طابع لعبة الكراسى الموسيقية .. ينزل احدهم فى كل محطة و يعيد الباقون ترتيب أنفسهم على الكراسى الباقية.. الوجوه تزداد وجوما وكذلك العصبية فى صوت الثلاثينى اياه.. العاشقان مستمران فى التسبيل .. أو لعلهما اخرين؟ لا ندرى حقا فالوجوه تتشابه كما تتشابه افعال اصحابها..يتململ الجميع باقتراب المحطة الاخيرة و يتعالى صوت السائق لينبه الشاردين " ياللا اخر الخط"

حبيبتى الصغيرة السمراء

حبيبتى الصغيرة السمراء الفاتنه.. قصيرة القامة هى دقيقة الملامح ..واسعة العينين صافيتهما بحيث يمكنك ان ترى قلبها اذا اطلت النظر الى عينيها فهل قابلت ابدا من ترى قلبه من عينيه؟ هى كذلك .. حبيبتى الصغيرة السمراء التى احمل اسمها والكثير من ملامحها و القليل من طباعها فأنا دونها فى كل شىء .. فى حماسها و طاقتها .. فى قدرتها على تحمل المسئوليه و تحمل الآخرين و لكم حاولت التعلم منها فيما يخص تلك الاخيرة..حبيبتى الصغيرة السمراء تجاوزت الخمسين عاما منذ ما يزيد عن اربع سنوات و مع ذلك تبدو لمن لا يعرفها اصغر بعشر سنوات على الاقل من سنها الحقيقى (الله اكبر يعنى) ... واحدة من معجزاتها الصغيرة هى .. شبابها الذى احمد الله عليه اكثر مما احمده على شبابى انا ..على الاقل تستفيد هى من شبابها وكذا يستفيد الجميع على العكس منى ..حبيبتى الصغيرة السمراء التى مرت علاقتى معها بالكثير من المراحل احتملتنى فيها كثيرا و ضاقت بى احيانا و لم تكف عن حبى ولو للحظة .. الشىء الذى ما كنت لأفعله لو اذاقنى احدهم واحد على الالف مما اذقتها اياه .. و هى معجزة اخرى من معجزاتها الصغيرة.. لتتطور علاقتى بها من الحب الذى لم افهمه الى الكراهية لم اعلم مصدرها الى توتر غريب تلته فتره من الهدوء الذى يسبق العاصفة .. و العاصفة هنا ممثلة فى حب .. الكثير منه ايضا.. ذلك الذى يجمع بين العشق و الاعجاب و الارتباط بشخص ما بحيث يصير وجوده من الثوابت التى ترفض و بشده احتمال تغيرها .. بالنسبه الى ستظل دوما كما هى .. المرأة التى كفت عن كونها امى لتصير اختى الصغيرة و الكبيرة و صديقتى المقربة و ابنتى البكر و حبييتى الصغيرة السمراء .. و تظل دوما هى التعويض الامثل عن الكثير من اهانات الأقدار ..انا أحبها ليس انها أمى .. فقد تجاوزت علاقتنا الاطار - الضيق - الذى تدور فيه علاقة ام و ابنتها الى افاق اخرى من الحب لا يدركها سوانا .. ولكن احبها لكونها هى .. لكونها أنا .. لكوننا معا شيئا يستحيل على غيرنا فهمه .. بحسب ما اعلمه عنها فهى لن تقرأ هذه الكلمات ما حيت .. و ربما لن تعلم حقيقة ما اشعره نظرا لعجز شخصى فى التعبير عن مشاعرى نحوها..اعلم تماما اننى كثيرا ما اخيب املها و املها على كبير .. كثيرا ما تتوقع الكثير فلا تجد الا القليل و عندما تتوقع القليل لا تجد شيئا..اعلم انها كثيرا ما تقع فريسة لللا مبالاه التى اصبحت جزءا منى .. اعلم اننى كثيرا ما اتحول الى كارثة على قدمين .. ولكن ما اعلمه ايضا اننى وعلى الرغم من كل شىء احبها حبا لن استطيع شرحه و لن تستوعبه هى مهما حاولنا ..
حبيبتى الصغيرة السمراء و كما أقول دائما .. شكرا لحبك فهو مروحة و طاووس و نعناع و ماء .. وغمامة وردية مرت مصادفة بخط الاستواء ..

الاثنين، 26 يناير 2009

كنكهة القرفة

"انا لا احب مذاق القرفة .. لكن ما اجده فى نكهة القرفة المنبعثة من واجهة ذلك المقهى كاف لكى ادرجها فى قائمة ما كان قليله مسكر .. هكذا كان هو و هكذا قدر لعلاقتنا ان تكون .. ان تتبع ما كان قليله مسكر و كثيره عذاب "


منذ اللحظة الاولى شعرت بأن اليوم مختلف..جميل ربما..دافىء بعض الشىء..استيقظت وحدى دون مضايقات قبل موعدى ب 4 ساعات تقريبا.. ظللت اتقلب فى فراشى لقرابة الساعة و ذكرى معينة بادلتنى تحية الصباح فاحتضنتها.. جرى اليوم كيفما اتفق من افطار و ملابس و موسيقى .. مارسيل خليفة كبداية نمطية ليوم يفوح بالاختلاف.. لا مانع من صوت فيروز كخلفية لتغيير الملابس .. بعدك على بالى؟ ليست على الهاتف للأسف .. اغنية تلو الاخرى .. اجد ل"كيفك انت" رنين مختلف استمتع به فاسمعها للمرة الثانية مع ما يناسبها من الحنين ..
فى الشارع و الهواية المفضلة فى تأمل الطريق .. المارة يبدون اجمل و اصغر .. يضعون العطور و يبسمون و( خافقى يقول و نحن سوف نبتسم) .. حتى بائع الفول بدا مختلفا .. ربما اختفت تجعيدتان من حول فمه فبدت ابتسامته المعتاده اكثر الفة فبادلته اياها و مضيت ..
عند البوابة انظر الى مكان بعينه فيثير حنينا خافتا و شعورا مبهما بأننى سألقاه اليوم .. تابعت فى طريقى فقط لأصادف صديقة قديمة .. بعد الكثير من " فينك يا ندلة واحشاااااانى " قررت ان امضى معها ما تبقى من الوقت حتى يحين موعدى .. هل اسألها عنه؟ لا داعى ..
اتجهنا الى حيث تجلس هى فى العادة عند كليتها .. كنا نهم باجتياز بوابة اخرى حين هتفت هى باسمه .. هل قرأت افكارى؟ لم استوعب للحظة انه امامنا مباشرة .. نظرت اليه و ابتسمت فابتسم .. بالطبع كان فى طريقه الى مكان ما فالغى موعده فى الحال كما تلاشت فكرة موعدى فى ذات اللحظة .. " دايما مجمعاكو انا "هذه كانت من الفتاه و كانت محقة تماما .. الم تجمعنا هى منذ البداية ؟ اخبرته اننى كنت اعلم اننى سأراه اليوم و اننى سمعت كيفك انت مرتين .. ضحك كثيرا .. و ضحكت .
لم تطل البقاء و استأذنت و انصرفت و مضينا الى حيث يمكننا الجلوس .. كلما صادفنا احدا المح السؤال السرمدى فى عينيهم " انتو رجعتوا؟ " لكن احدا لا يسأل كما اتظاهر انا بالغباء و انظر اليه فيفهمنى كما اعتاد و ينهى الحديث و نغادر .. بمفردنا جلسنا لفتره متجاهلين حقيقة انفصالنا الذى مضى عليه قرابة التسعة اشهر .. و متجاهلين خلو وضعنا من القدر الادنى من المنطق ولكننا كنا سعيدين و كفى ..
كان حديثه حلوا كشأنه دائما .. يخبرنى انى تحفته و اساوى الاف النجمات .. اخبره اننى لم املك فى الدنيا الا عينيه و احزانى .. و اننى لا امانع حنينى اليه من آن لآخر .. يعتذر عن حماقات الماضى و اخبره اننى لا اتذكر الا كونى سعيدة و كونه كذلك .. و الحماقات التى يصر تذكرها قد محت بالفعل .. نصمت .. نتذكر لقاءنا الاول و الثانى .. نضحك .. ندمع .. ندندن لحنا حزينا لفيروز ثم نعاود الصمت .. اتذكر بفخر كونى نافذته على اغانى فيروز ..
نتودع فى نهاية اليوم .. بلا موعد ولا جديد ..
- " الصدفة الجاية عايزة اشوفك احسن " قلتها انا
-" خدى بالك من نفسك اوى اوى " قالها هو
ذهبت فى طريقى و انا على يقين من ان نظراته تتابعنى حتى البيت .. لم اتلفت و ألوح كى لا يأخذ الامر طابع افلام الستينات .. يكفينى منه ما اصبته اليوم .. تكفينى الصدفة .. و السعادة الوقتيه .. كنكهة القرفة.
الموعد الاول محمود درويش
كلمات نزار قبانى
نهر الاحزان نزار قبانى

الخميس، 8 يناير 2009

توازى

جلس منصتا فى اهتمام الى ما يعتبره سيمفونية نقر اصابعها على الطاولة التى جلسا اليها تحتسى هى مشروبها المفضل بينما يدخن هو سيجارته شاردا.. ساخرا من نفسه ان تكون هى بالذات موضع شروده بينما يعلم هو تمام العلم ان هناك " اخر" هو موضع شرودها .. كان يلاحظ تفاصيلها بدقة كمن يقابلها للمرة الاولى و يرغب فى ان يعى منها قدر المستطاع خوفا الا يراها ثانية .. يبتسم ساخرا ثانية فهو يعلم تمام العلم انه لابد من مرات ثانيه..مسمتدا ثقته من صداقة ربطتهما منذ قرابة الثمانى شهور تجعل اطول مدة ممكنة ليقضيها كلاهما متباعدين لا تتجاوز اليومين..
كان يعرف أن هناك اخرا بحسب ما يعرفها.. فهى لا تبدو شاردة الا عندما يبدأ قلبها بالخفقان..لا تبدو صامته مستغرقة الا عندما ينقر احدهم باب قلبها بالقوة الكافية لدفعها للتفكير ما اذا كان عليها ان تفتح ام لا.. وبقدر ما يحب تحكمها فى مشاعرها بقدر ما يكرهها حين لا توجه هذه المشاعر التى لا يقدرها سواه الا لسواه.. لم يكن يملك ترف ان يبادرها بالسؤال الذى يؤرقه منذ مدة عن فارسها الجديد فهو يعلم ان احترامه لخصوصيتها هو الضمان الوحيد لاستمرار صداقتهما وبقائها.. فى الوقت الذى انهارت فيه صداقات أشد وثاقة بسبب تجاوز الاخرين لخطوطها الحمراء.. الشىء الذى لا تسمح هى به ايا كان الدافع و ايا كانت منزلة هؤلاء.. والذى تراه كافيا لانهاء تلك الصداقات فى الحال لتبتعد تاركة الف علامة تعجب فى رأس الكثيرين.
كانت هى كما توقع غارقة تماما فى ما ستفعله بصدد اخر برز من العدم و طرق باب قلبها بالعنف المناسب.. تتأمل دخان سيجارته المشتعلة ثم تخفض عينيها الى الرماد المتساقط لتكتشف انها مع هذا الاخر لا تملك الا التساقط تباعا .. شعورا كريها بالميل الى الاخر كان كافيا بالنسبة لها لتحسم أمرها .. ستبتعد عن ذلك الاخر للأبد فهى تكره ان تنتمى الى أيهم تحت أى مسمى ..
- فيييييينك ؟
قالها باسما لكسر الصمت الذى طال دون فائدة..ليس انه يكره صمتها بل لانه شعر انه يفتقد صوتها و فلسفتها حين تتكلم ..ابتسمت ابتسامه ذابلة من تلك التى يعشقها قائلة :
- احزان و يعدو
ابتسم ابتسامة مماثلة.. وتعجب فى نفسه من كونها تمتلك سيطرة تامة على كلماتها تستمد منها سيطرة تامة عليه بحيث تعرف تماما ما الذى يقال و متى .. فتتسع ابتسامته اعجابا .. بعد تفكير قال :
- شكلك مش عاجبنى النهاردة..
- ولا عاجبنى انا كمان
قالتها مرسلة تنهيدة مرجعة رأسها الى الوراء ثم اعادت رأسها للامام ببطء و غرقت فى افكارها من جديد..
- بحبك
- و ماله.. انا لو مكانك كنت حبيتنى برضو
قالتها فى ثقة وهدوء كانت لتصدم سواه و لكنها لم تصدمه بعد كل ما عرفه فيها من تماسك يصل الى حد البرود .. لم يتأثر لبرودها فلم يتوقع للحظة انها ستخر صريعة معترفة بحبها المكبوت منذ الازل حالما يبادرها هو باعترافه الاسطورى ..
نظر اليها طويلا و لم يعلق..بادلته النظرات ففهمت على الفور انه لن يتكلم لكن الفضول النهم فى عيناه جعلها تبدأ:
- بص اللى هقوله ده هقوله مرة واحدة و نقفل الموضوع و ننساه على كده عشان احنا الاتنين مش عايزين وجع دماغ..تمام؟
أومأ برأسه و ان كان قد خمن معنى كلامها مسبقا و لكنه يحب ان يسمعها.. فلسفتها تضفى على اكثر الافكار ايلاما طابعا ساحرا يعشقه هو.. بدات الكلام مستعملة يديها لتشرح له كما تفعل عندما تشك فى سهولة وصول ما ستقوله الى من سيسمعه:
- بص.. كل خطين فى الدنيا بعد ما يتقابلو فى نقطة ايه اللى بيحصل؟
نظر اليها فى غير فهم " خطين ايه و بتنجان ايه؟ البت دى مجنونة؟" هذه كانت لنفسه طبعا و ان وشت ملامحه بما يدور بداخله..
- ركز يابنى .. فى الهندسة عموما مش اى خطين بيقطعوا بعض فى نقطة بيكملو فى طريقهم بعيد عن بعض بعدها؟ كل واحد فى اتجاه بعيد تماما عن التانى وبتبقى كل اللى بينهم النقطة اللى اتلاقوا فيها صح؟
- ممممممممممممممم
- لكن لو الخطين دول متوازيين و عمرهم ما قطعوا بعض هيفضلو مكملين مع بعض على طول .. أى نعم هما موصلوش من القرب للحد اللى يتقابلو فيه فى نقطة لكنهم هيفضلوا جنب بعض على طول
- مممممممم
- انا و انت بأه خطين متوازيين..لو غيرت انت مسارك و اتقابلنا فى نقطة و بقى اللى بيننا حب و كلام فاضى هيكون مصيرنا هو المصير الهندسى المعروف لأى خطين يتقابلوا فى نقطه.. ان كل واحد فيهم هيكمل فى طريقه بعيد عن التانى و هيبقى كل اللى بيننا هى النقطة اللى كنا عندها احباب.. و انا مش عايزة كده .. انا عايزياك جنبى على التوازى..مش عايزة يبقى كل اللى بيننا نقطة نتقابل قيها و بعدين كل واحد يروح لحاله.
صمت مفكرا فى كلماتها .. لم تقنعه الفكرة ولكن اقنعه اقتناعها هى بها .. هى دوما على صواب حتى و ان بدا كلامها اقرب الى الهذيان .. هذا ما اعتاده منها .. كان فى البداية لا يتقبل افكارها ثم ما ان يخلو الى نفسه مفكرا يجد انها محقة تماما و لكن مشكلتها هى تلك الزاوية العجيبة التى تنظر من خلالها الى الامور و التى علمته ان ينظر الى الامور من خلالها ليفهم كيف تفكر و يكف عن التعجب أو اتهامها بالجنون كما يفعل الاخرون.. و قد كان.. و ان لم يمنعه ذلك من محاولة أخيرة :
- يعنى كل الناس اللى بيحبوا و بيتجوزوا دول اللى بينهم نقطة؟
- اففففففف.. هتتكلم زى الناس و هحس انك مش فاهمنى .. يابنى مش كل اللى بيحبوا بيتجوزو..و الحياة مش فيلم عربى بينتهى لما البطل يبوس البطلة من ورا الطبلة .. مش كل اللى بيتجوزو بيتجوزو عن حب..و مش كل اللى بيتجوزو عن حب بيحافظو على حبهم بعد الجواز .. بلاش تبقى سطحى كده ..
صمتت لتلتقط انفاسها و ترى اثر كلماتها عليه..ادركت كم كانت قاسية فتداركت الموقف.
- بص.. انا بحبك اوى.. بالدرجة الكافية لأنى مضيعش علاقتنا دى فى انى احطها فى الاطار التقليدى للعلاقات الفاكسانه بين أى واحد وواحدة يقربوا من بعض شوية .. انا عايزانا نفضل سبيشيال كده .. و التفرد اللى فى علاقتنا ده مصدره التوازى .. عشان كده لازم نحافظ على التوازى ده.. اتفقنا؟
نظرت اليه بضيق فهم منه انها لن تتقبل كلمة أخرى فى الموضوع .. و ايقن ان التمادى فى محاولة اقناعها لن يكون سوى مخاطرة لا داعى لها بعلاقة تساوى عنده الحياة.. أوما برأسه و أشعل سيجارة أخرى صامتا..
تناست هى الموقف برمته و عادت الاستغراق فى اشياء غير محددة بينما نفث هو دخان سيجارته شاردا..

السبت، 3 يناير 2009

نص حالة

احساس غريب لا يتعدى كونه "نصف حاله".. متلازمة لا نهائية من افتقاد انصاف أشياء لا أجد الفرصة لأعيها بوضوح .. لتدور مشاعرى كلها فى فلك أنصاف غير مكتملة .. كما تقول أصالة " نص ضحكة .. نص فرحة .. نص راحة " و كما أحب ان أضيف " نص وحدة .. نص حزن .. نص كل حاجة " أنصاف كثيرة تنتظر أن أنظر فى أمرها تمهيدا لأن أكملها .. فلا الوحدة التى أعيشها هى الوحدة المعتادة بين لذة الانفراد بالنفس و لعنة الانعزال عن الاخرين .. ولا يرقى الحزن الذى أشعره الى حزنى المعتاد ذو النكهة المحببة للأحزان العادية..
أكاد أشعر بالملل بالرغم اننى لا اجد الوقت الكافى لحك انفى و بالرغم من أن حياتى مشحونة بالالاف من الاشياء التى وددت لو استطيع وصفها بالتفاهة ولكنها للأسف .. ليست تافهة.
أحيا فى " نصف اتفاق " مع نفسى ..أختلف معها كثيرا ولا أكاد أعى سبب الاختلاف.. أقترب منها فتبتعد هى فأبتعد بدورى فتقترب ثانية و هكذا لا أستطيع أن أجمعنى بنفسى فى "قعدة عرب" كى أفهم ايه المشكلة بالضبط ؟
ربنا السبب افتقاد نقطة الارتكاز .. ربما افتقاد أشياء اخرى .. ربما افتقاد " طعم الحاجات " الذى تلاشى مع برودة الشتاء .. ربما التشتت الذى يرمى ظلاله على كل ما يحيط بى حاليا قد اضاف بصمته على علاقتى بنفسى .. لا ادرى.


" صحيح happy new year "