الثلاثاء، 7 أبريل 2009

تعادل

جلست أمامى على الأرض تحتسى كأس شيء ما..و أحتسى أنا الشىء ذاته دون أن أعرف ما هو و دون أن أذكر من منا أحضرته و لم..رشفت رشفة و قالت و تقلصات وجهها الناتجة عن طعمه البشع لم تختفى بعد :
- و ايه يا قطة؟
- و بى يا حياتى
- هنئلش بأه؟
- الموجود
- أحسن
عدلت خصلة من شعرها كادت تخفى عينيها..أطرقت..رفعت الكأس الى فمها و رشفت رشفة أخرى..
- لطيف (1)
- اشطة فى اللذيذ يعنى (قلتها و رفعت كأسى الى فمى)
- طب؟ ما ياللا
- مينفعش
- ليه ولا مؤاخذة؟
- عارفة لما العشرة بينك و بين حد تزيد أوى لدرجة انها تمنع ان علاقتكو تتحول لأى حاجة تانية؟
- مممممم..مش عارفة..أنا أسمع ان العشرة ممكن تخلى الحب يجى..بس أحيانا ممكن تمنعه فعلا..
- أهى دى بأه من الأحيان اللى بتمنعه
- ممممممممم
بدأت أقضم أظافرى من باب تزجية الوقت..رفعت كأسى أختفى خلفه و أسأل :
- أخبار (2) ايه؟
- عادى..زى ما هو
- و حب ولا لسه؟ مظنش سهل ينسى (ابتسمت و تناولت القليل مما فى كاسى..اللعنه هذا الشىء كريه حقا)
- اسم الله عليكى..مش سهل ينسى..أهو عامل زيى..مش مستنى حاجة من حد..و مش حاسس حاجة من حد..أنا مش رايح أنا مش جاى انا مش واقف حتى مكانى(و ابتسمت ابتسامة بنية- بلون الهالات تحت عينها اليسرى - ذات اطار مر)
- بس أنا حاسة انه هيحب قريب أوى..ان واحدة من اللى حواليه هتعرف تثبت نفسها .. و تخليه يسلم..
- ياااه..تفتكرى؟
- بصى .. أنا حاسة ب (2) دايما..لما أبقى واحشاه بحس..و لما يبقى مشغول عنى بحس..رغم انى مش بشوفه ولا حتى بسمع عنه..لكن بكرة تقولى أنا قلت..هو دلوقت مشغول بواحدة
- لأاااااااااااا
- انا مقلتش بيحب..أنا قلت مشغول
- أقطع دراعى لو كنت فاهمه حاجة
- ............. (أنظر الى كأسى..ثم الى كأسها..ثم الى كأسى مرة أخرى و أشرب جرعة لا بأس بها)
تناولت هى خصلة شعرها التى جمعتها الى الخلف منذ قليل..بدأت تلفها حول سبابتها ايسرى و تحتسى ما فى كأسها بيمناها.
- غريبة الناس .. غريبة الدنيا
- ......... (ابتسامةة بنية بطعم الكاكاو الخام)
- قابلت (1*) من اسبوووووووووووع
- يا سلااااااااااااااااام؟ ( ابتسامة )
- والله..
- أخبارها ايه؟
- تمام الحمد لله..كانت واحشانى والله
- ميوحشكيش غالى
- بلا نيلة ماهو واحشنى فعلا
- ........ (ابتسامة الكاكاو الخام)
- أنا مبكيتش فى حياتى على حد قد ما بكيت على البنى آدم ده..عارفة معاملة الprincess ؟
- هتقوليلي (ابتسامة)..على يدى (نصف ضحكة)
- ماخدوش يا بابا (نصف الضحكة الآخر)
صمت..كلتانا تنظر الى كأسها..مأساة اتخاذ القرار تتكرر مع كل رشفة جديدة..هذا الشىء بشع حقا..
- سألت على (3) قريب..
- يا شيخة؟
- و غلاوتك عندى
- ها
- قالولى يااااااه دانتى قديمة أوى..ده مات من زمان
- فعلا؟ (ارشف رشفة جديدة)
- فعلا..(نظرت الى الأرض..) بيجى على بالك؟
- اه (ابتسامة الكاكاو الخام)..بسأل نفسى كتير أوى بيعمل ايه دلوقت و بيحلم بمين؟
- ياه على ام الأغنية
- آآآآآآآآآآآه..زبالة فعلا.. كتير ببقى نفسى أعرف يا ترى مبسوط؟ يا ترى عايش ازاى؟ لسة بيعمل الحاجات اللى كان بيعملها؟ نفسى يا يبطل..يا ينبسط لكن يفضل كده بيعمل كده و كمان مش مبسوط..كتير بصراحة (ابتسامة الكاكاو الخام)
- ربنا يهدى
- ربنا يشفى
نظرت الى فجأة و قالت:
- عارفة أكتر حاجة بتعجبنى فيكى ايه؟
- ايه؟ (ابتسامة)
- انك بتعرفى تشيلى الناس من حياتك
- (ضحكة) دكتوراه فى moving on
- بجد والله.. بتعرفى to move on easily
- بس دى مش حاجة حلوة.. كتير بيبقى فى حاجة/حد صعب انها تفضل فى حياتك .. و ساعتها بيبقى فى اختيارين..يا تتمسكى بيها وخلاص..و دى حاجة أنا مش بعرف أعملها .. يا تبعدى..و دى حاجة انا محترفة فيها..فدايما بختار الحاجة الى بعرف أعملها..ببعد و بتأقلم على الحياة من غير الحاجة/ الحد ده .. نفسى مرة مبعدش بأه..
- انا عكسك تماما..مش بعرف أتأقلم على انى أخسر أى حاجة و مش بعرف آخد قرار الانسحاب ..
صمت..هل انا الوحيدة التى يخيل لها هذا أم أن كؤوسنا لا تنقص فعلا؟ صار لنا زمنا نشرب منها و نتحمل طعمها المقزز ولكنها فعلا لا تنقص..و نحن لا ننتشى ولا نفرح ولا نغيب عن الوعى..
- الهباب اللى احنا بنشربه ده مش هيخلص؟
- انا عارفة؟
- هو مين اللى جابه؟
- مش فاكرة
- أبو السطل..طب هاتى
ناولتنى الكاس بريبة..تناولتها مع ابتسامة ارستقراطية لا مناسبة لها ثم طرااااااااااااااااااخ .. هشمت كأسينا معا فى الحائط المقابل..لماذا نفعل أشياء لا طائل من ورائها و تضايقنا فى نفس الوقت؟ انا لا أجد تعذيب النفس مسليا الى هذا الحد.. نظرتها المندهشة سرعان ما تبددت و صارت ضحكة ( حقيقية) و سرعان ما شاركتها الضحك..ارتفعت أصواتنا عاليا ..
- حاجة كمان بحبها فيكى
- خير؟
- قدرتك على ان كفاية كآبة هى كفاية.. بتغيرى مودك للأحسن بمزاجك
- لا داعى للتصفيق
- والله بجد..نكتئب تكتئبى انتى شوية و بعدين مرة واحدة خلاص..كفاية كده
- و أروح مشغلالك الكينج .. و أطلع على بيوت الفرح عدل (ابتسامة حقيقية)
- آآه..ممكن (ابتسامة حقيقية)
هل أخبرك أننا عندما نظرنا الى الجدار حيث هشمنا كأس الحزن من لحظات لم نجد الجدار ولا الكأس..وبدلا منهما وجدنا نافذة مفتوحة و دفتر؟ لا داعى..
هل أخبرك أننى عندما التفت اليها لأخبرها عن النافذة لم أجدها ؟ لن يشكل هذا الفارق الكبير..
(1) واحد كده
(2) احدهم
(3) آخر
(1*) واحدة كده
أنت لا تحتاج لأن تعرف المزيد .. دع الفرصة لعقلك كى يحيك للحوار ما يناسبه من الدراما..من أنا ؟ من هى؟ لكم أكره اهتمام الآخرين بتفاهات و اهمالهم لب الموضوع !! ..و لكن كى يستريح قلبك لسنا شخصا واحدا.. وربما تستريح أكثر اذا علمت أن الحوار ليس بالكامل تخيلى..أقرب للحقيقة بكثير منه الى الفانتازيا.. لذا حاول أن تستمتع قدر استطاعتك..و ليسامحنا الله جميعا.

الجمعة، 3 أبريل 2009

أعز الناس

على طول الحياة..نقابل ناس..ونعرف ناس
ربما قلت هذا كثيرا من قبل و كررته لدرجة الملل ..ولا أمانع تكراره للمرة الألف .. أكثر ما أحبه فى " شغلانه الدكترة دى " هو الفرصة الذهبية لمقابلة أناس جدد كل يوم..كل يوم تدفع بك الظروف فى حياة أحدهم..زميل جديد..مريض جديد..عابر سبيل..أيا كان.. ربما يجد البعض الأمر ليس ذى بال و لكننى أجده متعة حقيقية..أن تتعرف الى أشخاص جدد..تساعد البعض و يساعدك البعض الآخر..أو تكتفى بمتعة تبادل تحية الصباح مع شخص لا تعرفه فيبتسم و تبتسم و يمضى كل منكما الى حال سبيله..أو تخبر شخصا لا تعرفه أنه يبدو جميلا هذا الصباح فيبتسم أيا كان حجم ما يثقله من هموم..
و نرتاح ويا ناس عن ناس.. ويدور الزمن بينا..يغير لون ليالينا ..
و بين كل من تقابلهم يوميا .. هناك أشخاص يعرفون طريقهم الى قلبك..لا بهدف المرور كما تفعل الغالبية العظمى.. بل بهدف الاقامة الدائمة.. أشخاص يتركون بصمة واضحة فى روحك..أشخاص قد لا يسعفك العمر بامضاء الوقت الذى تتمنى أن تمضيه معهم فتجد نفسك تلقائيا تحاول الاستمتاع بكل ثانية يتواجدون فيها حولك.. و يساعدونك هم فى ذلك..يشاهدونك فى كل حالاتك و يشاركونك حزنك و فرحك ما استطاعوا اليك سبيلا..
و نتوه بين الزحام و الناس..و يمكن ننسى كل الناس
قديما قيل " تعاشر يا ابن آدم تعاشر..مسيرك يا ابن آدم مفارق " .. حتى من نحبهم ولا نرانا بدونهم يختفون مع الوقت..يسافرون..يتزوجون..أو فقط يبتعدون لأن عجلة الحياة دفعتهم بعيدا عن دربك..الأمر الذى اعتاد ان يكون محزنا و دراميا الى حد البكاء بالنسبة الى حتى فترة ليست بالبعيدة جدا..ثم بدأت بعدها أتأقلم و أكتفى فقط بالتلويح و الابتسام لكل من يغادر حياتى .. متمنية الحظ السعيد للجميع.. الطريف أننى وجدت أنهم يعودون للتواجد مرة أخرى..و بالرغم من أن سيد حجاب كان مبدعا حين قال " عمر الوشوش ما بتبقى بعد السنين..نفس الوشوش دى بتبقى شىء تانى" الا أن نشوة اللقاء غالبا ما تكون كفيلة بمحو شجن الاختلاف ..
ولا ننسى حبايبنا..أعز الناس .. حبايبنا..
أشخاص بعينهم مرسومون فى حياتك و لن يتغير هذا أبدا..أشخاص بعينهم لا يملك قلبك الا الخفقان لدى رؤيتهم الشىء الذى يلازمك أبدا كتعويذة ألقتها ساحرة فى احدى حكايا الجن..أشخاص بعينهم تحضرك صورهم عندما تسمع أغنية بعينها أو تمشى فى شارع بعينه أو تلتفت للسماء فى وقت بعينه..فتبتسم فى نفسك و تتساءل "يا ترى عاملين ايه؟"
سنين و سنين بتفوت ما نحس بوجودها ولا وجودنا..ولحظة حب عشناها تعيش العمر تسعدنا
و الحب عندى كمنظار ملون..ما ان تشعره حتى تجده يصبغ مشاعرك تجاه كل شىء..و كل الناس..حتى و ان انتهت علاقة بعينها كانت هى الجسر الذى عبر الحب الى حياتك من خلاله..يظل حبك للحياة و الأشياء نمط حياة.. تظل البهجة تلون روحك و تلون الأشياء من حولك..

" على طول..على طول الحياة..
نقابل ناس
و نعرف ناس
و نرتاح ويا ناس عن ناس
و يدور الزمن بينا..يغير لون ليالينا
ونتوه بين الزحام والناس
و يمكن ننسى كل الناس
ولا ننسى..حبايبنا
أعز الناس..حبايبنا..أعز الناس
سنين و سنين بتفوت ما نحس بوجودها ولا وجودنا
ولحظة حب عشناها تعيش العمر تسعدنا و تسعدنا"
الأغنية أعز الناس-عبد الحليم حافظ
التدوينة مهداة الى أشخاص بعينهم أسعدتنى الحياة بوجودهم حولى وهما عارفين نفسهم :)

الأربعاء، 1 أبريل 2009

احتفال مبكر بعض الشىء

قرابة العام من الشيزوفرينيا.. عاما أمضيته مع نفسى و مع الآخرين فى المرآة ينطبع كلا منا على الاخر و تتوه تفاصيلنا فلا أعلم من أنا و من سواى ..
مرآتى الجميلة التى أكون فيها كما ينبغى أن أكون .. و أعبر من سماء الى أختها كما يفعل الحالمون.. مرآتى حيث أجلس و أمدد ساقاى و أشرب الشاى بالحليب و أثرثر معى..مرآتى التى شهدتنى أنكسر و أنهض و أنكسر و أنهض ولا أجد مكانا سواها أفر اليه لأجدنى .. لألملم شظايا البللور المكسور و أعيد اصلاح ما أتلفته.
خربشاتى الساذجة على زوايا المرآة و الكثير من الذكريات وصور الاخرين تشكل أصدق بطاقة هوية يمكننى الحصول عليها على الاطلاق .. مرآتى هى وطنى و مكانى و الشىء الوحيد الذى أنتمى اليه انتماء غير مشروط .. مرآتى حيث أهذى ولا أجد من يطالبنى بتفسير .. حيث " احب حاجات ميحبهاش غيرى " .. مرآتى و صوت فيروز يؤنسنى .. و منير يطلب منى الا أكف عن الحلم لأنى " لو بطلت أحلم هموت " و حيث يطمئننى وجيه عزيز بأن " مسير الضى لوحده هيرجع .. ومسير الضحك لوحده هيطلع".. مرآتى و أشعار درويش و نزار قبانى ترسم دربى .. و يد أمى أتوكأ عليها و أمضى .. مرآتى حيث أمارس فعل الحنين علنا و عمدا مع سبق الاصرار. فتمضى الحياة بالايقاع الذى أرسمه لها .. و اكون مع من أحب وقتما أحب و كيفما أحب .. حيث لا أكتم أنينى ولا أفتعل الضحك .. حيث لا أكذب ولا أتجمل .. حيث أبكى .. مرآتى حيث أكون .. ببساطة حيث أكون ..
لم يكد العام يمضى بعد و لكننى أتوق للاحتفال و سأفعل .. شيزوفرينيا .. كل عام و أنت أنا.