الاثنين، 22 يونيو 2009

تك تتك تك

كان خميسا .. و كانت عادت لتوها من المدرسة بعد أن مرت على "المكتبة الخضراء" على بداية الشارع الضيق حيث تسكن .. بعد أربعة أيام من الحرمان من المصروف تستطيع الآن أخيرا ان تكتب بقلم سنون مثل قلم آية زميلتها فى الدراسة.. فبعد أن أعطت نجلاء مصروف الأحد كى تشترى شيبسى – ثمن كيس الشيبسى حينها 40 قرش .. ومصروف الواحدة منهما لا يتجاوز 25 قرش .. ونجلاء طفلة و تريد أن تشترى شبسى .. فأعطتها مصروف الأحد كى تشترى شيبسى ولبان – و ضاع مصروف الاثنين منها بعد أن عجزت عن مقاومة اغراء طابور الكانتين فى المدرسة لتشترى كاراتيه و سامبا .. تكمنت من ادخار مصروف الثلاثاء و الاربعاء و الخميس ليصبح المجموع 75 قرش .. و تشترى قلما ب 50 قرش و علبه سنون ب 25 قرش.
على السفرة جلست تجرب قلمها الجديد..و قلبها يكاد يتوقف من الفرحة .. وضعت السن فى القلم و راحت تكتب اسمها .. تك .. ينكسر السن .. تتك .. تعاود المحاولة .. تك ينكسر السن مرة أخرى .. تتك .. تجرب كتابة " بسم الله الرحمن الرحيم " عل الله يبارك فى القلم .. و تك .. يكسر القلم الردىء السنون الأكثر رداءة ولا يبارك الله شيئا .. مرة بعد مرة .. ينتهى السن .. تضع آخر ليلقى نفس المصير .. تدمع عيناها و تبدأ فى البكاء وسط قطع الرصاص الصغيرة المتناثرة حولها .. كانت تلح على أمها منذ زمن كى تشترى لها قلما بجنيهين أو أكثر لا ندرى .. مثل قلم آية .. أخبرتها أمها أن "تبطل كل ما تشوف حاجة تقول عايزة ..اكبرى بأه " .. كانت فى الصف الرابع الابتدائى حينها .
شعرت بغضب جعلها تمسك القلم الجديد و تك .. تكسره الى جزأين .. نظرت الى علبة السنون وفى رأسها نفس المصير .. ولكنها قررت أنها ربما ستتركها لحين تشترى قلما آخر .. نوع أحسن .

الأحد، 7 يونيو 2009

امرأة تعاقب ظلها

وقفت ترمقه ببرود وهو يحاول بحروف ساذجة تبرير حماقاته المتتالية.. ضجرت فأدارت وجهها عنه ثم الفتت مرة أخرى اليه .. صفعته فى حدة فبكت المرآة .. ثم استدارت و مضت بخطى ثابته و أغلقت باب الغرفة من خلفها .. حاول عبثا أن يتخطى السطح الزجاجى الأملس ليغادر المرآة و يلحق بها معتذرا فأبت المرآة و قالت " صبرا .. ستعود " فسكت .
أمضى أياما حبيس المرآة الى أن عادت .. ذات النظرات الباردة و ذات الغضب .. نظر اليها باكيا معتذرا .. لم تهتز .. ذات النظرات الباردة و ذات الغضب .. اعتذر كثيرا و لم تعلق هى .. كانت غاضبة بحق..ظل يعدها للمرة المليون انه لن يكرر ما فعله أبدا .. ظلت تسمع دون تعليق .. أخبرها أنه يحبها .. لم ترد .. لكنه عندما صرخ : " لماذا تعامليننى هكذا و كأننى شخص آخر؟ و كأنكِ أنتِ أخرى .. أنا أنتِ .. نحن ذات الشخص" نظرت اليه بحدة و اهتزت رموشها للحظة .. ثم تجمد وجهها على نظرة الغضب لحظات ثم عاد لبروده الأول فقالت : " لما آجى تانى مش عايزة ألاقيك هنا .. مفهوم؟ "و قبل أن ترى وقع كلامها عليه انصرفت بخطى ثابته و قلب من البللور البارد .. انهار هو و ربتت المرآة كتفه فى حنان : " لا تقلق .. سوف تصفح فأنا أعرفها جيدا " .. لم يهدأ بل غاب عن الوعى للحظات ..
عندما أفاق كانت هى أمام المرآة تنظر اليه عبر السطح الزجاجى .. " أنا مش قلت مش عايزة أشوفك هنا تانى؟"نظرت اليها المرآة عاتبه .." لم ألق من قبل من تطرد ظلها من المرآة .. لم يخطىء فلا تصبى غضبك عليه .. بل أنت المخطئة .. " ردت فى حدة " اسكتى انتى .." نظرت اليها المرآة باسمة .. لقد رأت من جنونها الكثير و فشل كل ما رأته فى أن يحملها على كراهيتها .. هى مجرد طفلة تعسة تتسلى بكسر ألعابها واحدة تلو الأخرى ثم تبكيها بحرقة سرا..
" أنا لن أغادر " قالها فى تحدِ .. " هذا مكانى و كلما مررت هنا ستجديننى .. أنا أسكن هنا .. أنا .. أنت .. المرآة.. ثلاثة أوجه لذات الشىء .. " نظرت اليه باندهاش .. هل يظن الأحمق أنه يملك من أمرها شيئا؟ بل هل يظن أنه يملك من أمره هو نفسه شيئا ؟ ضحكت ساخرة .. هزتها ضحكته من الأعماق و ان ابدى التماسك ..
" أنا زهقت منًك " ثم نظرت الى المرآة و أردفت " و منك انتى كمان..انتو خدتوا أكتر من وقتكوا " .. تبادل مع المرآة نظرة ذات معنى .. "هل جنت ؟" قالها للمرآة همسا فابتسمت و أشارت أن " من زمان " .. لم تحتمل سخريتهما فأخرجت قطعه البللور البارد من صدرها و قذفتها نحو المرآة ..تكسرت المرآة و تحولت الى قطع صغيرة لامعه .. وتكسر هو و تحول الى قطع صغيرة دامية .. ولكن أتعلم ؟ تكسرت قطعه البللور أيضا .. و تحولت الى قطع صغيرة مؤلمة .

الأربعاء، 3 يونيو 2009

حزيران الأول

لعل الأمر خارج عن ارادتى حقا بالرغم أننى لم أصدق يوما أن ثمة ما هو خارج عن ارادتنا.. لكنها ليالى بداية الصيف المقمرة تبعث فى النفس أشجانا كثيرة .. و تجبرك أن تسير نحو صفحات من حياتك مزقتها بنفسك فيما مضى برضا نفسى تام ..
منذ زمن لم أستمتع بصحبة فيروز فى الشرفة ليلا مع مج الشاى باللبن العتيد .. لذا تجاهلت الامتحان الوشيك و زنقة المذاكرة اللعينة ودخلت الى الشرفة مع رفيقى عمرى .. فيروز و المج .
اليوم هو الأول من حزيران و القمر قوس فضى فى السماء بلا سهم أو رام .. الهواء بارد و لطيف كأن عاما لم ينقضى .. فيروز تغنى " بحبك عا طريق غياب بمدى لا بيت يخبينا ولا باب .. خوفى لا الباب يتسكر شى مرة بين الأحباب " .. أذكر عندما رددت له تلك الجملة بالتحديد منذ عام تقريبا و أجاب " ليست كل الأبواب تغلق .. واذا أغلق باب علينا نزعه " كم راقنى رده وقتها و كم كانت كلماته عموما تروقنى ..
صوتها الآن يغنى " بعدك على بالى " و الأصوات الآتية من الداخل و من الشارع قررت أن تخرس قليلا كى أستمتع أنا بهذا الجو الساحر وحدى و أتساءل .. هل تراه مازال كما عهدته يعشق الشرفة و فيروز و ليالى الصيف المقمرة؟ هل مازال يكره الشاى باللبن و يتعجب من عشقى له دون داعٍ؟ هل مازال يخجل من حبه للقطط الصغيرة ؟ هل تعرف أننى أخيرا تمكنت من اقناع أمى و أربى حاليا قطة؟ نعم بالفعل اسمها موكا و عمرها 3 شهور أو يزيد .. صغيرة فاتنه هى و كثيرا ما تذكرنى بك .. هل تعلم أيضا ؟ أحاول اقناعها – امى – بأن نربى سمكتى زينه أيضا .. كما كنا دوما نتمنى أن نفعل .. "سمكتين عشان متكونش واحدة وحيدة " كما كنت تردد دوما.. دورى و مرهف ان كنت تذكر .. يااه . . هل انقضى العام حقا؟
التقط المج الذى أخذتنى أفكارى حنى برد كالعادة و أشرب ما فيه من باب عقاب النفس .. أقرر و أنا أغلق باب الشرفة خلفى أن أكف لفترة عن ممارسة الحنين عمدا .. وألا أعود الى جلسة الشرفة ليلا الا بعد أن اتأكد أن فيروز و المج – فقط – هما من سيرافقانى .