الخميس، 17 سبتمبر 2009

قلبى برج حمام


" - انت عارف يعنى ايه حب؟
- آه
- يعنى ايه بأه
- يعنى أبقى مبسوط و أنا معاكى .. ولما متكونيش موجودة اكتب كل الحاجات اللى حصلت فى نوته و لما تيجى احكيهالك .. يعنى أنا اللى أجيبلك الورد و الشيكولاته .. و أنا اللى أعلمك كورة .."
كلامه معقول و ما يتكلم عنه يبدو كالحب فعلا .. اذا لم يكن هذا هو الحب فما الحب إذن؟ "

أرز بلبن لشخصين - رحاب بسام

***************

أغلق الكتاب و أبكى للحظات .. لاأدرى لماذا جعلتنى تلك السطور تحديدا أبكى .. السطور من ذكريات طفولة الكاتبه و الذى يحدثها هو ابن الجيران البالغ من العمر وقتها ثلاثة عشر عاما .. كلمات بسيطة ولكنها موجعه أو هكذا رأيتها .. ببطء أنهض لممارسة طقوس الاحباط .. آخذ حماما باردا .. أمشط شعرى ببطء .. أحاول أن أضع طلاء الأظافر الفرنسى مرة بعد مرة و فى النهاية أزيله تماما .. أستبدله بالأحمر .. أزيله أيضا .. أقرر أن اؤجل طلاء أظافرى لوقت لاحق .. أتجه الى المطبخ و أحاول خبز شىء ما .. شىء بالقرفة .. لابد من نكهة القرفة لأنها تتناسب تماما مع الاحباط و الشجن .. بسكويت بشكل فراشات صغيرة؟! يبدو اقتراحا مناسبا .. أبدأ ما أنا بصدده .. أشعل الفرن و فى ورقه بيضاء أكتب " أنا قلبى برج حمام هج الحمام منه " .. أضع الورقه فى الفرن متمنية أن يحترق الاحباط باحتراق الورقة .. أبحث عن قالب الفراشات فلا أجده .. اللعنه !! فلنجرب قالب القلوب الصغيرة .. ليس سيئا الى هذا الحد .. قلوب بنية صغيرة بطعم القرفة لن تكون سيئة على الاطلاق.. أخبز البسكويت و أتناوله مع الشاى باللبن كالعاده .. ليس سيئا فى الواقع كما أنه رفع من روحى المعنوية نوعا ..
اذهب الى الشرفة .. الملجأ و الملاذ .. لابد من شرفة أو نافذة مفتوحه أو أى شىء يدل على أن العالم أوسع مما يبدو عليه .. لابد من أغنية تعطى أملا مناسبا ..لابد من لمسة فيروزية .. بكرة انت وجايى؟ ارغب فى سماعها بشده ولكن بدلا من ذلك أشغل صباح و مسا .. أدندن .. أدندن بصوت أعلى .. أعكس الكلمات بطريقتى الخاصة لأعكس معنى الأغنية تماما.. حيلتى الصغيرة التى أحب ممارستها فى أوقات مثل هذه .. لا تفلح الحيله .. القلم و الورقة .. أكتب .. لا فائده .. أطوى الصفحه و أرسم فراشه .. لا أجيد رسمها فيصير جناحها معوجا بعض الشىء ..

- أنا شفت فراشة بتطير بجناح مكسور .. فكرتنى بنفسى وأنا بقاوح مع الدنيا
- أنا بأه فراشة وقعت و الناس داست عليها

بالامس لم يكن سقف الغرفة قريبا هكذا ..لا أدرى أين قرأتها ولكنها تصف ما يحدث بدقه..

اللوحه قلبى برج حمام - سوزان عليوان
العنوان أغنية محمد منير بنفس الاسم

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

شمسيات و أحباب


سيكون الوقت صباحا .. نعم صباح خريفى رائع شمسه بعيده و سماؤه موحية بأمطار وشيكة .. سنكون فى الكوربه .. فليس هناك مكان مناسب أكثر منها .
سأكون بمفردى أسير باتجاه مقهانا المفضل حيث ينتظر بعض الاصدقاء .. اسير على مهل و أنا اذكر نفسى ان ليس ثمة ما يدعو للعجله .. استمع الى فيروز و اتنفس ببطء .. ب ب ط ء ..
ستكون انت فى بداية الشارع و فى يسراك مظله مطوية و فى يمناك تحترق لفافة تبغ .. لا تعرف الطريق الى ذات المقهى حيث ينتظرك بعض الاصدقاء ايضا .. سأمر بجوارك و سأشعر بقشعريرة لن أفهم سببها فى ذلك الوقت .. ستبتسم و تسأل عن الطريق .. و سأبتسم و انا أصفه لك .. لن تفهم وصفى فسأخبرك أننى متجهة الى هناك .. سنسير معا ..
سنتكلم عن الكوربه .. عن انها زيارتك الأولى لهذا الفرع بالذات من ذلك المقهى .. عن انه مقهاى المفضل .. عن مشروبى المفضل هناك .. و عن مشروبك المفضل أيضا .. سنتكلم عن سيجارتك التى تضايقنى .. ستسحب منها نفسها طويلا ثم تطفئها فى تهذيب .. سنتكلم عن الجو الخريفى الساحر الذى يسيطر على الأشياء .. سنتمنى لو تمطر .. سأخبرك انى أحب المظلات كثيرا و سأخبرك عن وجهه نظرى فى الشمسيات.. ستعرض على بكل جدية أن آخذ مظلتك و سأرفض ضاحكة لأن " أنا عايزة واحده بنفسجى .. " .
سأدندن أغنية فيروز التى أسمعها الآن .. ستدندن معى .. انت تعشق فيروز و تحفظ لها الكثير .. و تحب هذه الأغنية بالذات .. سنشعر بقطرات المطر على وجهينا .. ستفتح مظلتك بهدوء و تنشر أجنحتها فوقنا .. سأخرج باسمة من تحتها و أنا أذكرك ان الشمسيات صنعت لتحجب الشمس .. وليس المطر !! ستطوى مظلتك و تقبل بجنونى و ستبتل ثيابنا كثيرا .. سنضحك .. سنضحك كما لم نضحك من قبل ..
سنمر أمام المقهى بضعه مرات دون ان ندخل .. فقط ننظر له بتردد ثم نتابع نزهتنا الصباحيه تحت المطر .. سترن هواتفنا مرة بعد مرة .. لن نجيب .. فى المرة الخامسة لمرورنا سنضطر للدخول .. سأكتشف أنى لا أعرف اسمك بعد .. ستخبرنى به و سيكون كما توقعته .. سأخبرك اسمى فتخبرنى أنه كان خارج دائرة توقعاتك.. ستصافحنى قبل أن ندخل .. رغم أننا سندخل معا .. و عند الباب ستهمس " هاشوفك بكره " .. سأتساءل فى نفسى ماذا تعنى و كيف و متى و أسئله كثيرة ستسمعها دون ان أنطق بها .. ستبتسم ابتسامه واسعه قائلا : " ملكيش دعوه ازاى .. و فين و امتى و بتاع ايه .. هتشوفى .."


بعد عشرين عاما من ذلك اليوم سنسير معا كفا بكف كما اعتدنا ان نسير .. تماما كما فى لقاءنا الأول ستحمل المظله فى يسراك و فى يمناك سيكون كفى بديلا مناسبا للفافة تبغك.. سنتذكر ذات اليوم و ذات الصباح الخريفى و سندندن ذات الآغنيه .. سيعلو صوتنا مع اقترابها من النهاية
بكره لابد السما لتشيتينى عالباب
شمسيات و احبااااب
ياخدونى بشى نهار
واللى ذكر كل الناس
بالآخر ذكرنى .
.

الاثنين، 14 سبتمبر 2009

قص و لزق

-1-
خلافات عائلية من الدرجة العاشرة على مقياس النكد الاسرى يتولد عنها بكاء هيستيرى يدوم لبضعه ساعات يتخلف عنه أجفان متورمة و صداع مزمن و أداء بشع تتوقعه لامتحان اليوم التالى ..
اليوم التالى : يد صديق تربت كتفك بينما تحكى فى حنق عن كل ما يعصف بروحك هذه الأيام .. يهدئ من روعك و يخبرك بأنه هنا لأجلك فتهدأ ولوهلة تشعر بالأمان و بأن " مش كل شىء بيفوت ف عمرنا بيجرح " .. و تعود للبيت أفضل حالا ..
( ملحوظة : لم يكن أداؤك فى الامتحان بالبشاعه المتوقعه )
-2-
علاقة من أقوى و أثبت العلاقات فى حياتك تمر بمرحلة حرجة جدا تهدد سلامك النفسى ( هأو .. قالك سلامك النفسى) .. تقطع فى قلق سلم المشاعر الانسانية صعودا و هبوطا الى أن ترسو لفترة على ما تصفه اصاله ب " نص حاله " .. و فى خلفية رأسك يغنى منير " و ما بين كده أو كده مش مرتاح انا ... "
أداءك فى الامتحان التالى رائع بحق و لا يتماشى لحسن الحظ مع استهتارك بالأمس ..ومساءا تكافئك الحبيبة الصغيرة السمراء بعلبه لبن رايب و كيس شبسى عائلى .. أشياء هفت اليها نفسك بفعل اعلانات التليفزيون (هؤلاء القوم يعرفون ما يفعلونه حقا )..
-3-
تتخذ قرارا لست راضيا عنه تمام الرضا و تفضل الابتعاد عن المتابعه مع احتمال الفشل .. شخصية قلقه مثلك لا تحتمل ان يحدثها أحدهم عن نظرية الاحتمالات .. هل رأيت تلك الحلقه منgrey’s anatomy ؟ ربما من الأجدر بك أن تراها لتفهم ما أعنيه.. هذه هى الثقة التى أنشدها و لن اتنازل عنها ..
غيوم المشاكل العائلية تبدأ فى الانقشاع .. و الأمور تتحسن .. تصلك مساءا علبة ألوان خشبية ترفع من روحك المعنوية حتى السماء .. صدمة خلوها من اللون البنفسجى تثير بداخلك غضبا طفوليا .. " ازاى حد يحط اللون البنى بدل البنفسجى ؟؟ البنفسجى ده ملك الألوان " تتجه الى الورقه التى رسمتها منذ أيام و تبدأ بالتلوين .. لا لنؤجل الفراشة حتى نعثر على لون بنفسجى من أى مكان .. هنتصرف ..

*********
حمام بارد بعد احدى وصلات البكاء اياها يفلح فى اعاده حرارتى الى المعتاد .. اسير ببطء نحو أمى " ماما اعمليلى ضفيرة .. " تغالب تعجبها و تفعل ما أطلبه منها .. تتكلم كثيرا و هى تمشط شعرى كلاما لا أذكر منه سوى " أصل ربنا بيقطع من هنا و يوصل من هنا .. " اقبلها و اتركها و أمضى ..اسير بعدها نحو الشرفه .. أدخل و أغلق الباب خلفى .. أشعل شمعه الفانوس الزجاجى الذى حصلت عليه كهدية أكثر من رائعه من صديقة أكتر من رائعه .. أفترش الأرض امام الفانوس و أدعو: يا رب .. يا رب نفرح .. يا رب نرضى ..