
" بحس انى عامل زى حتة التلجايه اللى خايفة تطلع من الفريزر .. و نفسى أقعد فى الشمس ..
عمرك شفتى تلجاية عايزة تقعد فى الشمس؟ "
أحمد حلمى - آسف على الازعاج
استيقظت مبكرا .. ارتدت ملابسها و ابتسامتها و نزلت الى الشارع شاعرة بالقليل من الرضا يتسرب الى روحها بالتدريج .. تناسبها ملابسها .. تناسبها ابتسامتها ..و تناسبها تماما أغنية ظلت ترددها منذ استيقظت .. تعرف ذلك الشعور جيدا فتحاول أن تغرق فى اللحظة .. تعد نفسها انها يوما ما ستخبر عامل النظافة أنها تحب "يا صباح الورد" التى يهمس بها اليها كلما مرت بجواره صباحا .. و ستخبر بائع الجرائد كم هى جميلة عيناه .. و ستخبر بائعة الخضرة على ناصية الشارع انها تحب لون المنديل الصغير الذى ترتديه تحت طرحتها السوداء الكبيرة .. يوما ما ستحتضن كل الأطفال فى الشارع .. يوما ما ستطير ..
تمضى يومها كيفما اتفق .. تصطدم بالناس فى الزحام فتسقط منها ابتسامتها مرة بعد مرة فينبهها الناس " حوشى يا آنسه ضحكتك وقعت منك عالأرض" و الأرض موحله جدا بسبب أمطار الأمس .. تملؤها ابتسامات سقطت من أصحابها و نسوا أن يلتقطوها .. ربما كانوا فى عجلة من أمرهم .. وربما أدركوا انها ببساطة لا تناسبهم .. وهنا ادركت أن ابتسامتها أوسع منها .. أخذت جانبا من الناس و أعادت تثبيت الابتسامه الواسعه .. تسقط مرة أخرى .. تنحنى لإلتقاطها وتضعها فى جيبها و تكتفى بأغنيتها التى تعلم تماما أنها تناسبها ..
فى المساء تعود .. تسير تحت المطر ببطء وتتأمل المارة .. فقط لو يعرف العاشقين الواقفين على جانب الطريق كم تبعث أصابعهما المتشابكة الحياة فيها !! .. تنزل من الحافلة و ترى فى نظرات عجوز يستعد لعبور الطريق بجانبها بعض التردد .. دون تفكير تتجه اليه و تسأله " ممكن أعدى مع حضرتك؟ " يبتسم ابتسامه تشجعها على أن تقبض بأصابعها المتجمده على يده و تعبر به الطريق .. و قبل أن يعبر معها شريط المترو يسألها بلطف :" ايديكى متلجه ليه كده؟ " ابتسمت وبدلا من أن تخبره أن البرد الذى تشعره فى روحها لابد و أن يترك بصمته على أصابعها .. اكتفت بأن تحسست ابتسامتها الواسعه المستقره فى جيبها وأجابت باسمة/ كاذبه : " قلبى دافى " ..
كان عليه ان يخمن من أغنيتى المفضله اننى لن أكون ملاكه الحارس .. و أننى لست على أدنى قدر من البراءة التى لم يمهلنى قط كى أدعيها .. ولكنه لسبب ما – خفى - آمن بوجودها داخلى .. أنا لم أطلب منه أكثر من الابتعاد عنى .. لكنه تصرف بما يليق بفراشة حقيقية ..
لماذا لعن الله الفراشات بالغباء و حب الضوء؟
هكذا أتساءل على الدوام
لماذا لعنه الله بى ؟
هكذا سيتساءل على الأرجح
سيمضى أياما صعبة .. سيذهب الى ذات المقهى مرتين .. سيطلب مشروبى المفضل و يتلمس مقعدى الخالى و يستمع مرارا و تكرار الى اغنيتى المفضله .. دون ان يفهم أننى ما كنت أبدا لأكون ملاكه الحارس .. و أننى لست على ادنى قدر من البراءة التى لم يمهلنى قط كى ادعيها ..
سيزور أحلامى كثيرا .. و فى يده وردة و كتاب
سينضم الى قائمة ما يدفعنى للاكتئاب .. و سأخبر طبيبى النفسى عنه باختصار .. " لم يفهمنى من أغنيتى المفضله "
ثم سيفعل ما يجيده البشر : سينسى
و سأفعل ما يجيده انصاف الأحياء : سأمضى قدما
لماذا لعننى الله بى ؟
هكذا سيتساءل طبيبى النفسى