الاثنين، 8 فبراير 2010
انت عمرى
من أمام الفندق يقود صلاح سيارتنا باتجاه المنزل .. أكاد لا أعى ملامح الطريق .. تجلس مليكه بجواره و يسترجعان معا تفاصيل الحفل بينما تجلس أنت بجوارى فى المقعد الخلفى .. صامتين كعادتنا تحتضن يمناك كفى بينما تمتد يسراك من آن لآخر لالتقاط دموعى التى لم تكف عن الانهمار طوال الليل .. والتى مازلت الى الآن عاجزة عن التحكم فيها .. أضع رأسى على كتفك فتحيطنى بذراعك و نتجاهل تعليقات الأولاد عن كوننا " عايشين دور العرسان احنا كمان " من أعماقى أحمد الله و أكاد أسمع قلبك ينبض بذات الشىء .. نصل الى بيتنا و نترجل جميعا من السياره.. تقبض على يدى و تمنعنى من الصعود و توجه كلامك الى صلاح الدين – ابننا :" اطلع انت و مليكه ناموا .. انتوا تعبتوا أوى النهارده و لسه عايزين نصحى بدرى عشان نعدى نطمن على مريم و جوزها قبل ما يسافروا بكره .."
تلمح فى عينيه تساؤلا فتقطع عليه تعجبه قائلا :" أنا و ماما رايحين مشوار و هنتأخر .. متستنوناش و متطلبوناش عشان هنقفل موبايلاتنا.."
يغمز اليك و يصطحب مليكه - ابنتنا الصغرى - الى الأعلى.. تدور حول السياره و تفتح لى الباب و تضع لى حزام الأمان بنفسك كما اعتدت دوما .. ثم تجلس خلف عجله القياده .. تتمتم بدعاء ركوب السياره فأتمتم به بدورى و ننطلق..
تضع فى كاسيت السياره شريطا أعددته انت خصيصا من أجل هذا اليوم .. تنساب فى السياره أول أغنيه سمعناها معا.. منذ خمسة وعشرين عاما .. أنظر اليك بفرح غير مصدقه.. عاجزة عن اخفاء إعجابى بقوة ذاكرتك و اهتمامك بتفاصيلنا .. أتأمل وجهك الجميل .. لم تتغير كثيرا .. لم تزل فاتنا .. وخصله الشعر الأشيب فى مقدمه رأسك تزيدك فتنه .. أغمض عينى و أعود الى الوراء لأغوص فى مقعدى مع الأغنيه و أتذكر حياتنا معا .. لا تفوتنى منها لحظه .. أحمد الله على كل ثانيه .. و اتمنى لمريم - ابنتنا الكبرى - أن تجد ذات السعاده مع زوجها ..
أفتح عينى لأجدك تتأملنى تماما كما فى مرتنا الأولى .. "صباح الخير" تقولها باسما .. أجيب وأنا أغالب دموعى "بحبك أوى" ترفع يدى الى شفتيك و تقبل أناملى فى رضا .. تتابع القياده وعلى شفتيك ابتسامه.
تتوقف حيث توقعت تماما .. حيث كان موعدنا الأول .. و حيث تمنينا للمرة الأولى أن نكون معا للأبد .. مازلت بارعه فى قراءة أفكارك الى الآن .. تنزل من السياره و تفتح لى بابى .. تأخذ بيدى و نمضى الى الداخل .. المكان خالى تماما من سوانا .. يمر علىً موعدنا الأول و أرى تفاصيله حاضره فى ذهنى .. تسحب لى مقعدا فأجلس و تجلس أمامى .. الجو بارد .. تخلع معطفك كما اعتدت و تضعه برفق على كتفى .. ثم تنهض و تقطف من الأصيص المجاور زهرتى أمنيات تماما كما فعلنا فى موعدنا الأول.. تناولنى واحده و تمسك بالأخرى .. " اتمنى أمنيه " تقولها باسما.. أمسك بوردتى و أهمس لها بصوت لا تسمعه أنت : " يا رب اجمعنى بيه فى الجنه " .. أنهض و أقف بجوارك فتهمس لوردتك بشىء ما لا أسمعه ثم ننفخ فيهما معا فتطاير الوريقات من حولنا .. تضمنى اليك و نقف هكذا للحظات ..
يقطع النادل لحظتنا ليتساءل عما سنشربه .. نستمر فى احياء تفاصيل موعدنا الأول فتطلب الشاى و أطلب عصير البرتقال .. و لا أجده كالعاده فأقنع بالمياه الغازيه .. نعود الى الطاولة فى انتظار عودة النادل..
نجلس صامتين و على شفتينا ابتسامه عمرها خمسة و عشرين عاما .. تتشابك يدانا على الطاولة .. و تدمع عينى من آن لآخر .. دموع الفرح التى لم أعرفها سوى معك .. " هو انتى مش هتبطلى عياط أبدا؟ من يوم ما عرفتك و انتى بتعيطى من أقل حاجه .. مش كده يا أمى" تقولها ضاحكا فأبتسم و أمسح دموعى قائله " دموع عن دموع تفرق يا حبيبى "
ننتهى مما نشربه فتشير الى النادل .. تبالغ فى اكراميته و تقول ضاحكا " دى حلاوة جواز البنت الكبيره عقبال أولادك" فيرد الرجل ممتنا : "عقبال أولادها يا دكتور"
نتوجه الى السياره .. كما جرت العاده تفتح الباب و تتأكد من حزام الأمان ثم تتجه الى مقعدك .. فى السياره أنظر اليك طويلا – جدا .. " قولى صحيح انت اتمنيت ايه؟ " أبادرك فتجيب : " أتمنيت ربنا يجمعنى بيكى فى الجنه " تنساب دموعى كالعاده ولا أملك الا أن أقبل جبهتك هامسه : " انت عمرى "
السبت، 6 فبراير 2010
تعثرت بضوئك .. عثرت على ظلى
الخميس، 28 يناير 2010
حاله
الاثنين، 25 يناير 2010
ابتسامة واسعه
استيقظت مبكرا .. ارتدت ملابسها و ابتسامتها و نزلت الى الشارع شاعرة بالقليل من الرضا يتسرب الى روحها بالتدريج .. تناسبها ملابسها .. تناسبها ابتسامتها ..و تناسبها تماما أغنية ظلت ترددها منذ استيقظت .. تعرف ذلك الشعور جيدا فتحاول أن تغرق فى اللحظة .. تعد نفسها انها يوما ما ستخبر عامل النظافة أنها تحب "يا صباح الورد" التى يهمس بها اليها كلما مرت بجواره صباحا .. و ستخبر بائع الجرائد كم هى جميلة عيناه .. و ستخبر بائعة الخضرة على ناصية الشارع انها تحب لون المنديل الصغير الذى ترتديه تحت طرحتها السوداء الكبيرة .. يوما ما ستحتضن كل الأطفال فى الشارع .. يوما ما ستطير ..
تمضى يومها كيفما اتفق .. تصطدم بالناس فى الزحام فتسقط منها ابتسامتها مرة بعد مرة فينبهها الناس " حوشى يا آنسه ضحكتك وقعت منك عالأرض" و الأرض موحله جدا بسبب أمطار الأمس .. تملؤها ابتسامات سقطت من أصحابها و نسوا أن يلتقطوها .. ربما كانوا فى عجلة من أمرهم .. وربما أدركوا انها ببساطة لا تناسبهم .. وهنا ادركت أن ابتسامتها أوسع منها .. أخذت جانبا من الناس و أعادت تثبيت الابتسامه الواسعه .. تسقط مرة أخرى .. تنحنى لإلتقاطها وتضعها فى جيبها و تكتفى بأغنيتها التى تعلم تماما أنها تناسبها ..
فى المساء تعود .. تسير تحت المطر ببطء وتتأمل المارة .. فقط لو يعرف العاشقين الواقفين على جانب الطريق كم تبعث أصابعهما المتشابكة الحياة فيها !! .. تنزل من الحافلة و ترى فى نظرات عجوز يستعد لعبور الطريق بجانبها بعض التردد .. دون تفكير تتجه اليه و تسأله " ممكن أعدى مع حضرتك؟ " يبتسم ابتسامه تشجعها على أن تقبض بأصابعها المتجمده على يده و تعبر به الطريق .. و قبل أن يعبر معها شريط المترو يسألها بلطف :" ايديكى متلجه ليه كده؟ " ابتسمت وبدلا من أن تخبره أن البرد الذى تشعره فى روحها لابد و أن يترك بصمته على أصابعها .. اكتفت بأن تحسست ابتسامتها الواسعه المستقره فى جيبها وأجابت باسمة/ كاذبه : " قلبى دافى " ..
الأحد، 24 يناير 2010
ربما .. لأن الشتاء تأخر
تجمع الجالسه أمامى أشياءها و تنهض وأسارع أنا لفتح النافذه متجاهلة نظرات الاعتراض التى أطلت من أعين عجوز تجلس بالقرب منى .. أسمح للهواء البارد أن يلفح وجهى " يمكن أفوق" .. هل تعرف احساس الجالس أمام جهاز تليفزيون بينما جهاز التحكم فى يد شخص آخر لا يكاد يستقر على قناه بحيث يصبح كل ما يمكنك مشاهدته هو مجموعه غير متناسقة من المشاهد المتتاليه؟ هو ذا .. عقلى جهاز تليفزين وجهاز التحكم فى يد شخص لا أعرفه .. تتوالى المشاهد المتقطعه دون هواده ..
القناة الأولى : محادثة على الماسينجر مع صديقة أخبرها فيها ان " الدمع اللى فى عينى بيوجع مبينزلش و مبيطلعش.. وانا كبايات عصير قصب مليانه عالآخر .. و الخلق ما بتشربش "
القناة الثانية : صديقه أخرى على السرير فى المستشفى ترتجف فاقدة الوعى
قناة الكوميديا : اظفرى البنصر بلا طلاء فى حين أن بقية أظافرى مطلية بعناية شديدة !!
قناة الأفلام : كوستا و قدح من الموكا الساخنة و وورقه صغيرة كتب عليها "وحشتينى و انتى جمبى"
قناة الموسيقى : كينى جى – بيساميه موتشو
قناة الدراما : أمى تطلب منى أن أسرع باتخاذ القرار و تنفيذه
قناة ما : محادثة مع صديق أخبره فيها أنى "مخاصمانى و مبكلمنيش من مدة.."
نفسى النور يقطع عن التليفزيون ده بجد ..
أريد الابتعاد و الاقتراب فى نفس الوقت لا أدرى عن ماذا أو الى ماذا .. أريد هدنه .. مساحة من الفراغ الفكرى .. يخطر ببالى أن أسأل صاحب كشك الحلوى " انت ليه مبقيتش تفتح الصبح بدرى؟ أنا ببقى عايزة عصير " و أمنع نفسى بالعافية من أن أسأل الواقف بجوارى على المحطة " والنبى يا أخ هى طرحتى مزبوطه ولا عامله سبعاوى تمنياوى طه؟ "
أعبر الشارع بالاستهتار المناسب .. سباب سباب سباب .. ايييييه؟ هو الواحد ميعرفش يعدى الشارع و هو مش فى وعيه فى البلد دى؟ الناس جرالها ايه؟
اللعنه .. أنا أهذى
أنا أهذى و الساعه لم تتجاوز الثامنه صباحا .. سيكون يوما طويييييييييييييييييييلا ..
أطرد فكرة التنفيض لكل شىء و الذهاب للتمشية على الكورنيش من رأسى .. " الهروب مش حل " هكذا أقول لنفسى فى حزم .. تمصمص شفتيها - نفسى - فى سخريه و تقول " أما نشوف آخرتها "
أعيد النظر فيما كتبته كأنه لا يخصنى .. كأنها أعراض يشكو منها مريض ما .. أكتب التشخيص الذى يناسبنى و أكتب العلاج :
التشخيص : نقص حاد فى اللون البنفسجى
العلاج : حته شيكولاته كبيييييييره
الأحد، 3 يناير 2010
............
كان عليه ان يخمن من أغنيتى المفضله اننى لن أكون ملاكه الحارس .. و أننى لست على أدنى قدر من البراءة التى لم يمهلنى قط كى أدعيها .. ولكنه لسبب ما – خفى - آمن بوجودها داخلى .. أنا لم أطلب منه أكثر من الابتعاد عنى .. لكنه تصرف بما يليق بفراشة حقيقية ..
لماذا لعن الله الفراشات بالغباء و حب الضوء؟
هكذا أتساءل على الدوام
لماذا لعنه الله بى ؟
هكذا سيتساءل على الأرجح
سيمضى أياما صعبة .. سيذهب الى ذات المقهى مرتين .. سيطلب مشروبى المفضل و يتلمس مقعدى الخالى و يستمع مرارا و تكرار الى اغنيتى المفضله .. دون ان يفهم أننى ما كنت أبدا لأكون ملاكه الحارس .. و أننى لست على ادنى قدر من البراءة التى لم يمهلنى قط كى ادعيها ..
سيزور أحلامى كثيرا .. و فى يده وردة و كتاب
سينضم الى قائمة ما يدفعنى للاكتئاب .. و سأخبر طبيبى النفسى عنه باختصار .. " لم يفهمنى من أغنيتى المفضله "
ثم سيفعل ما يجيده البشر : سينسى
و سأفعل ما يجيده انصاف الأحياء : سأمضى قدما
لماذا لعننى الله بى ؟
هكذا سيتساءل طبيبى النفسى
الجمعة، 20 نوفمبر 2009
ببطء .. كالنساء
كانت أياما مليئة بالموسيقى و الأكاذيب .. و كنا حمقى سعداء .. والآن .. لم نعد بالضرورة حمقى .. لكنا قطعا لسنا سعداء .. أتدرى؟ أفتقدك بشده .. أشعر بالسخف - ناهيك عن شعورى المعتاد بجنونى التام - عندما أسمع أنفاسك كلما عبرت الطريق .. لطالما كان صوت أنفاسك مميزا .. ولكن فكرة ملاحقه صوت أنفاسك لى فى الشارع تبدو مثيرة للقلق نوعا ..
اسرع باتجاه العياده .. اضبط نفسى أركض دون سبب كالعاده .. أردد لنفسى بيت الشعر الذى أفضله فى مثل تلك المواقف " سيرى ببطء كالنساء الواثقات بسحرهن وكيدهن .. " أضحك ساخره من نفسى التى تطلب منى أن أسير " كالنساء " كأننى لا أنتمى اليهن .. حمدا لله أن الشعر لم يكن ليستهويك والا كنت أمضيت دهرا فى المضى قدما بعدك .. فى الواقع لم يكن بيننا الكثير من القواسم المشتركه .. كل منا ينتمى الى عالم مختلف تماما .. ولكل منا شرفه واسعه يطل منها على الآخر .. عبر تلك الشرفه قضيت أمتع لحظات حياتى أحكى لك عن كتاب قرأته.. قصيده لمستنى .. أدندن لمنير و فيروز و تهز رأسك أنت فى غير رضا .. و من شرفتك غنيت لى أغانى عمرو دياب الجديده و حكيت لى عن جميع ألعاب الكمبيوتر التى لا ألعبها وأنا أرجوك أن تكبر قليلا .. تعبس .. تقطب كالأطفال و تتساءل فى براءه " هو أنا مش عاجبك كده؟ بجد عايزانى أكبر؟ " أتراجع فى الحال.. لا أستطيع أن أجازف بكل ما فى عينيك من براءة و أطلب منك أن تكبر لمجرد أننى أفضل منير على عمرو دياب أو لأننى لا أحب ألعاب الكمبيوتر " لأ يا حبيبى متكبرش .. خليك كده و أنا هعتبرك ابنى " .. هييه..هل كنا نعنى تلك الترهات حقا؟ أنا كنت أعنى ما كنت أقوله .. ترى هل كنت تعنى ما كنت تقوله بدورك؟
عندما رأيتك الأسبوع الماضى فى المؤتمر لم أصدق كم أنت أنت !! الى هذه الدرجه لم تتغير ؟ ذات الضحكات المجلجله التى لا يضحكها أكثر العامة سوقيه .. وذات الدمعه فى عينيك متى ضحكت من قلبك أو سعلت أو انفعلت أو مارست أى نشاطِ انسانى .. كانت عيناك تدمعان دوما دون سبب .. حله رماديه و رابطه عنق أنيقه .. شعرك بدأ يغادر رأسك الى غير عوده ولكننا كنا قد توقعنا هذا منذ زمن فلم يفاجئنى .. بل فاجئنى كيف احتفظت بتفاصيلك كامله .. لم تكبر يوما بينما أشعر بجوارك أنى عجوز شمطاء
- " ايييييييه ده معرفتكيييييييييييييش .. بقيتى واحده تانيه .. لأ لأ لأ ايه يا عم الشياكه دى بس و كعب عالى و بدل كلاسيك و ميك أب و قلق .. كان فين الكلام ده أيام الكليه "
- " وانت ما شاء الله زى مانتا صوتك عالى فشر تباعين الميكروباصات و حالتك كرب و لسه عينيك حمرا من آخر مره شفتك فيها .. شوفوله بروزولين يا جدعان بدل ما هو فاضحنا و عامل زى المدمنين كده "
- " رغم ان شكلك اتغير لسه لسانك طويل زى مانتى مفيش فايده .. انا قلت البت اتلمت بأه وعملت فيها بنت ناس
- " لأ و لسه .. بص "
أفتح فمى لأريك أننى أصلحت أسنانى المفقودة و يسقط فكك دهشة قبل أن تطلق صرخه
- "ايه دااااااااااااااا وأنا أقوووووول احلوت لييه احلوت لييه .. صلحتيهم امتى يا مصيبه؟"
- " لسه شايله الريتاينر من اسبوع"
- طب يا ستى الف مبروك
قابلنا معظم دفعتنا يومها و كان من الغريب أن يجدوننا معا بعد هذه السنوات .. فانفصالنا لم يكن هينا بالنسبه للجميع .. حضر كل منا المناقشات التى أردنا حضورها و اتفقنا أنك ستقللنى الى المنزل بعد المحاضرة الأخيره.. لم أصدق أنك اشتريت سيارة أخيرا و لم تصدق أنت أننى أخيرا سأركب معك سياره واحده .. لقد حمل اليوم الكثير من المفاجئات لكلانا .. لم يفتنى أن أنظر الى يمناك لأصعق بدبله فضيه تؤكد الهاجس الذى سيطر على منذ البدايه .. لقد خطبتها بالفعل .. لم أجد فى نفسى رغبه فى خوض المزيد من الصراعات النفسيه ولا أخفيك سرا لقد عزمت على التسلل بعد المحاضره الأخيره و العوده الى المنزل وحيده بدونك .. لا داعى للمزيد من وجع القلب فالتعافى منك لم يكن سهلا .. لكن الصدفه أبت ووجدتنى أهرب بسرعه كى انتهى فى حضنك دون أن أعى هذا .. أحاول الهروب منك فأصطدم بك ؟! كم هذا مثالى !!
فى الطريق الى السياره تلاحظ وجومى .. تبا كنت قد نسيت كيف تعرف دوما أن ثمه ما يشغلنى دون أن أنطق و مهما حاولت تصنع الهدوء .. نتناقش فى موضوعات المؤتمر و أجيب بمرح مفتعل .. فى السياره تضع يدك على المقود و تنظر الى دبلتك التى خنقتنى .. تخلعها و تلقيها على التابلوه باهمال
- كده فال وحش . و بعدين لو كنت خطيبتك كنت قتلتك
- بس انتى مش خطيبتى
تقولها معابثا دون أن تدرى كم كنت عنيفا و كم جرحتنى .. يزداد وجومى فتتدارك الموقف فى الحال
- أنا أصلا مش خاطب .. أنا لابسها كده عشان البنات السمجه اللى معانا فى السنتر .. بجد بشعين .. قلت انجز و أخليهم يصرفوا نظر عنى خلينا نشوف شغلنا .
رباه .. هل تعنى ما تقول؟ لم ترتبط بها؟ الى الآن؟ أم انفصلت عنها أم ماذا؟ لعلك لم تتعلم أن تكذب على فى أعوامنا الثلاثه الأخيره .. ثم لماذا يهمنى الأمر الى هذه الدرجه؟ هل جننت؟
- خلاص يعنى عمر الشريف يا خىُ هيموتوا بعض عليك؟ بلا نيله
- أيوه عمر الشريف بأه .. ولا مش عاجبك؟
أتذكر انها كانت دعابتنا المفضله .. كذا ولا مش عاجبك .. أجيب بخجل عاجبنى طبعا ..أنساق الى الدعابه و أجيب ناظره اليك : "عاجبنى طبعا " .. تبتسم ولا تعلق .
تسألنى عن حالى ولم لم أتزوج .. أجيب بأنى " لسه بكون نفسى " تضحك و تكرر السؤال فأجيب " مجتش مناسبه" تضحك كثيرا هذه المره .. " انتى لسه ضايعه زى مانتى " فأجيب بجديه لم تتوقعها " و انت لسه زى مانتا .. ف كل حاجه ..."
تمر لحظه صمت جاده .. " وحشتينى أوى .." هل قلتها حقا؟ أم ترانى عدت للهلاوس من جديد؟ لابد أنك قلتها .. عيناك تبدو كعينى شخص اعترف لتوه أننى " وحشته أوى " .. أنظر اليك طويلا .. طويلا جدا .. و تتسع ابتسامتى و أنا أبحث عن ردا ذكيا .. تبوء محاولات التحذلق بالفشل فأعلن استسلامى " وانت كمان " .. نستغرق فى الحديث كأننا افترقنا أمس .. نتبادل دعاباتنا المعهوده .. نجد أنفسنا أمام منزلى خلال دقائق ..
- " مبسوط انى شفتك بجد عايزين نرجع نتلم تانى احنا و بقيه العيال"
تقولها ببرود يصدمنى فأكاد لا أصدق أنى سمعتها !! كأنك تخاطب أحد أصدقاءك .. كأننى لم أكن يوما .. لم أكن.. أنا!! كيف؟
لا أدرى كيف ابتسمت ووعدتك أن " أكيد ان شاء الله " .. ولا كيف حملتنى قدماى الى خارج سيارتك والى سلم العماره و الى السرير .. ولا كيف مضى الأسبوع الماضى فى الواقع .. كل ما أعرفه أن أنفاسك عادت تلاحقنى فى الشوارع منذ ذلك الحين .. و أنك اختفيت تماما كما فعلت فى المرة السابقه .. وأن .. حسنا ها قد عدت لمبدأ أن النهايات السعيده لا توجد الا فى الافلام الرديئه .. طالما أخبرت نفسى أن الأسوأ كله يكمن فى الأسبوع الأول .. بعدها تجد الحياه طريقتها للاستمرار.. قررت ان الأمس كان نهاية الأسبوع الأول .. و أن اليوم بدايه جديدة تستحق ابتسامه .. أطرد أنفاسك من رأسى .. و أبتسم و أنا أعبر الطريق وحدى تماما .. وحدى لكن ونسان كما يقول جاهين و يغنى عزيزى منير .. تتسع خطواتى تدريجيا كما يحدث كلما أقبلت على الحياة لسبب أو لآخر..ها أنا ذا عدت للركض دون سبب مرة أخرى .. أذكر نفسى بالتمهل ..و أردد لنفسى بيت الشعر الذى أفضله فى مثل تلك المواقف " سيرى ببطء كالنساء الواثقات بسحرهن وكيدهن .. "
سأسير ببطء و سأتعافى منك ببطء أيضا.. كالنساء الواثقات بسحرهن و كيدهن
سيرى ببطء يا حياة كى أتأملك ..
أسير ببطء
كالنساء الواثقات
بسحرهن
ببطء .. ب ب ط ء
البيت من قصيده الرائع محمود درويش " الآن فى المنفى"