حالة غريبة من عشق النوافذ أمر بها منذ مدة ليست بالقصيرة ولكننى بدأت ألاحظ تفاقم أعراضها مؤخرا ممثلة فى خواطر فلسفية بحته تدور حول شباك الأوضة ..فى الواقع معظم الأوقات التى امضيها فى التأمل غالبا ما تكون عينى معلقة بالنافذة و رأسى فى عوالم أخرى .. ولا أدرى لذلك سببا ..أتمسك أيضا بحقى فى أن أفتح النافذة بنفسى فى الصباح بحيث لا أتردد – ان سبقنى أحدهم و فعل – فى غلقها و فتحها مرة أخرى مع رغبة تصاحبنى مؤخرا فى احتضان السماء من النافذة ..
خاطر فلسفى رقم واحد - هل النافذة أسعد من الباب؟
أفكر حاليا فى مدى تعاسة و سعادة الأشياء المحيطة بنا مع مسحة من الرثاء لكونها – الأشياء – تعجز عن التعبير عن مشاعرها .. من وجهة نظرى النافذة أسعد من الباب .. النافذة المطله على الشارع الصغير الهادىء أو على الحارة الصاخبة أو على الميدان المزدحم أسعد كثيرا من الباب الذى لا يرى من الناس إلا أهل الدار أو الغرباء الذين يطرقون بابهم .. النافذة تحتضن السماء أو تتمنى لو تفعل و انا .. أحتضن النافذة أو اتمنى أن أفعل..النافذة ترى العصافير يوميا .. و ترى السحب و تغسلها الأمطار أحيانا ..
إذن النافذة أسعد من الباب
خاطر فلسفى رقم اثنين - هل تحب النافذة البيت؟
النافذة مرتبطة بالبيت ارتباطا شرطيا.. فبدون بيت لا داعى للنافذة و لن تكون سوى جسم خشبى هامد فى ورشة نجار ما أو معرض ما للأثاث .. ولكن لابد وأن تحلم النافذة بالطيران يوما .. كل هذه العصافير و الفراشات التى تحوم حولها و تدعوها للعب وهى لا تستطيع لأنها مثبتة فى الجدار .. لابد و أن تتولد لديها رغبة فى الهروب.. لابد و أنها حاولت و رسمت خطة بعد خطة للهروب من البيت ولكنها .. أدركت لا ريب أنها إن هى هربت من البيت لن تطير .. ستسقط.. ستهوى من حالق و تتكسر.. و سيجرح زجاجها الأطفال الذين اعتادت أن تشاهدهم يلعبون فى الشارع .. ولن ترى العصافير ولا الفراشات ولا ضفيرة البنت النائمة على السرير أسفل النافذة ..
إذن النافذة تحتاج البيت ولكنها لا تحبه
خاطر فلسفى رقم ثلاثة - هل تحب النافذة البنت ذات الضفيرة الواحدة؟
كل صباح تنهض من فراشها و ترتبه بعنايه ثم تقف على السرير و تفتح النافذة و تهمس إليها باسمة : " صباح الخير " .. تمضى معظم أوقاتها فى الغرفة تذاكر أو تكتب أو تستمع الى منير و من آن لآخر تنظر الى النافذة.. ثم تنظر الى السماء عبر النافذة .. ثم تتابع ما كانت تفعلة و تتناسى الموضوع برمته .. النافذة تسمح بدخول الهواء الذى يجعل الأوراق تطير و تطاردها البنت ذات الضفيرة الواحدة فى أنحاء الغرفة .. ما ان تستقر حتى ترسل النافذه تنهيدة أخرى تبعثر الأوراق من جديد فتنظر البنت الى النافذة فى عتاب .. تبتسم النافذة فى خجل و تكف عن ألعابها الطفولية حينا .. ثم ما تلبث أن تعاود الكرة من جديد .. النافذة تلعب مع البنت ذات الضفيرة الواحدة ..
إذن النافذة تحب البنت ذات الضفيرة الواحدة
الاستنتاج العام :
- أنا أحب النافذة
- النافذة أسعد من الباب
- النافذة تحتاج الى بيت ولكنها لا تحبه
- النافذة تحب البنت ذات الضفيرة الواحدة
تتمنى البنت ذات الضفيرة الواحدة أحيانا أن تطير النافذة لتطارد الفراشات .. و ربما تتمنى النافذة أن تتحول يوما .. الى بنت بضفيرة واحدة تطارد أوراقها عبر الغرفة.