الثلاثاء، 28 أكتوبر 2008

لأنى اذا مت أخجل من دمع أمى..

تشاجرت معه فى الصباح رغم اننى لم ازد فى حديثى اليه عن " انا نازلة .. سلام عليكم" حيث يبدو انه بيت النية للشجار منذ امس..الشجار كالعادة حول المال الذى احتاجه دوما لزوم طلبات الاسياد كما اسمى طلبات المدعوقة الكلية .. و الذى يرى هو دوما انه ضربا من الرفاهية يمكن تأجيله.. بل والاستغناء عنه ان امكن .. لم اتمكن من اخفاء نبرة الغضب التى تسللت الى صوتى بمجرد ان قررت ان اكف عن الصمت و ارد عليه..
تشاجرنا اذن - ولا جديد فى ذلك - و لم اذهب الى الكلية يومها و بقيت فى المنزل .. و بقيت هى - حبيبتى الصغيرة السمراء التى تشاركنى هذا العناء و هى مغلوبة على امرها لا تملك منه شيئا - بقيت معى و لم تذهب الى عملها..لتحول دون تفاقم الوضع.
وصلت الامور بيننا- انا و هو - الى نقطة اللا عودة فقررت ان الاوان قد آن لمغادرة البيت للأبد .. بعد ان قطع هو كل طرق التفاهم كما اتضح ان ازمته المادية لن تمكننى من انهاء دراستى على الوجه الذى ارضاه .. و همجية اسلوبه لن تسمح باستمرار الحياة معه تحت سقف واحد.
اخبرتها على ما انتوى حتى لا تتساوى به عندما يفاجأ بمغادرتى الى غير عودة .. دمعت عيناها ثم انخرطت فى البكاء عندما شعرت باصرارى.. فجعلتنى دموعها اهدأ قليلا .. و كلمة واحدة قالتها ثنتنى عن عزمى تماما .. جلسنا نبكى و نرتجف حتى غادر ..و ارتدينا ملابسنا بعد ان اقنعتنى هى بالذهاب معها " عايزة اعمل كام مشوار مادام مروحتش الشغل .. ومش عايزة ابقى لوحدى " ثم ابتسمت قائله " و هجيبلك ايس كريم يا ستى تعالى باه" فوافقت..
فى الشارع سرنا و للمرة الاولى منذ متى لا اذكر امسكت يدى و شدت عليها طوال الطريق و خطر لى و كأنها تخاف ان اترك يدها و اهرب .. و شدت عليها اكثر اثناء عبور الطريق.. فابتسمت للخاطر ابتسامة لم تفهمها هى .. و امام" شبراوى" قررت انا ان افسد حميتها و اجبرها ان تشاركنى سندويتشات الفول و الطعمية رغما عنها .. و حبسنا بميراندا لى و البيريل لها - فهى لا تشرب الصودا - فشعرت بالقليل من التحسن ..
استكملنا جولتنا بين البنك و السوق و امام الفاترينات فى روكسى حيث كانت لنا وقفات مطولة .. وشعرت ان الامر افضل من ان يستمر هكذا وسرعان ما صدق ظنى و اضطررنا ان نذهب اليه فى مكان عمله لنعطيه اوراق نسيها فى اوج ثورته .. بعد مكالمة لا تقل سخافة عن مجريها تنبهنا الى تأخرنا عليه فى السوق و لمحت اثر مكالمته دمعه فى عينيها فاحتضنتها و سرنا فى صمت بعد ان صرت انا من تمسك بيدها و تشد عليها..
وصلنا و انجزنا مهمتنا و غادرنا و كأن حملا ثقيلا قد سقط لتوه من على كاهلينا .. فسرنا ضاحكتين نتحدث عن اشياء شتى .. كانت السحب فى السماء توحى بامطار وشيكة .. فرحت انا - فانا اعشق السير تحت الامطار - بينما تمنت هى ان يخيب ظنى و تعدل السماء عما انتوت.
اشترت لى الايس كريم المتفق عليه و اشترت لنفسها واحدا و سرنا محملتين بالاكياس .. نأكل الايس كريم و نثرثر و نضحك حتى وصلنا الى المحطة .. ميكروباص ما اشار لنا و كان خاليا فركبنا..و سرعان ما هطلت الامطار فاغتظت انا و ضحكت هى كثيرا .. و لكن سرعان ما انقلبت الايه حين تبين ان الميكروباص " مبيعديش من عندنا ".. نزلنا ضاحكتين و الايس كريم و الاكياس و الامطار جعلت منظرنا اكثر اثارة للضحك .. ثم قررت هى ان " نحترم نفسنا باه و ناخد تاكسى" و سرعان ما كنا فى البيت ..
جنه - وهو اسمها ايضا - حبيبتى الصغيرة السمراء .. شكرا لحبك فهو مروحة و طاووس و نعناع و ماء .. و غمامة وردية مرت مصادفة بخط الاستواء

السبت، 18 أكتوبر 2008

قد يسميه البعض هذيانا

- " تعرفى ان صوت الدموع عالمخدة زى صوت دقات الساعة بالليل؟ "
نظرت الى باشفاق متسائلة فى نفسها عن مستوى الخبل الجديد الذى وصلت له توا..
***************
- " انا بعيط عشان مش عايزة انام "
- " متناميش.."
- " انا بنام عشان محسش بالوقت وهو بيعدى و انا مستنية حاجة انا عارفة انها مش هتحصل"
احتضنتى مواسية و فى عينيها نظرة اعملها ايه دى بس يا ربى؟

***************
- " تعرفى؟ من امبارح للنهاردة محصلش اى حاجة..انا عيطت شوية دموع زيادة و عملت تليفون هيخلينى اعيط شوية قدهم بكرة..بس عارفة؟ من النهاردة لبكرة كل حاجة فى الدنيا ممكن تحصل.. بالمعنى الحرفى لكلمة كل حاجة.."
نظرت طويلا و لم تعلق

***************
- " وبعدين طيب؟ "
- " ولا قبلين ادينا عايشين "
صمتت دهرا و نطقت كفرا

الخميس، 9 أكتوبر 2008

سواقى

بالعودة الاضطرارية للدراسة بعد ان فشلت فى اقناع الجميع بأنى" اكتفيت علام يا جدعان" اعود مرة اخرى للكثير من الاوضاع السخيفة و الحالات التى ما كدت ارتاح منها حتى اتى احدهم يزف البشرى " الدكاترة هيبدأو فى رمضان ولازم ننزل ".. شاكرين مهللين عدنا للكلية و الجامعه و المجتمع و الناس..ولله الامر من قبل و من بعد.
زحام العباسية الخانق الكافى لتعكير مزاج اى انسان سوى يستهل يومه على احسن تقدير بعشر دقائق على الاقل من الحداد الاجبارى تتوقف فيها اى وسيلة مواصلات مهما كانت - صدق او لا تصدق تتوقف الميكروباصات ايضا - فى شارع الجامعه العتيد ليكون النشاط الانسانى الوحيد المتاح هو الحملقة فى وجوه الناس .. ناس فى الميكروباص و الكثير من الناس فى الشارع .. ناهيك عن الوقوف المتكرر فى شارع جسر السويس اقل الله اشاراته وادام لنا ضباطه.. وألفاظ سائق الميكروباص المصاب فى اغلب الاوقات بداء "الكلاكس" تمثل الخلفية المثاليه لهذا العذاب ..
تصل الكلية لترى ذات الوجوه تنظر ذات النظرات و تحيي الجميع بابتسامة لا معنى لها و "ايه الاخبار"تقولها مبتعدا لتؤكد لمن تحدثه انك غير مستعد لسماع اى اخبار ..
اخر الاسبوع هو؟ اذن فانت فى ايام مباركة.. ايام العيادات .. لتظل طول اليوم بلاد تشيلك و بلاد تحطك جريا و قفزا و صعودا و هبوطا و هتافا و صراخا بين العيادة الفلانية و المعمل العلانى لتلملم فى نهاية اليوم حفنة النفايات البشرية التى لم تستهلك منك خلال اليوم و تغادر وكلك امل ان تأتى غدا فتجد المكان متفحما كاستجابة من المولى لدعاء طال بأن "يحرق ابو دى كليه"..
رحلة العودة ليست بأقل بهجة من رحلة الذهاب يزيدها متعة الارهاق الذى يقتلك و شمس منتصف النهار تحرقك و رائحة العرق تخنقك و الكثير من البشرالذى لن تعلم ابدا من اين يأتون .. و صوت الكاسيت الذى يحلو للسائق ان يرفعه بالقدر الكافى لاغاظة صديق فى بولاق لا يمتلك كاسيت .. بعرور و امثاله يشكلون اوركسترا الركب المتوقف حتى يخيل اليك انك لو عدت الى منزلك حبوا ستضرب عصفورين بحجر بأن تصل اسرع و ترحم نفسك من الضوضاء.. ولكن تجيب صحة للحبو منين؟ ده انت قاعد بالعافية..
فى المنزل حيث عدنا لحاله اللا أهل ولا وطن تتناول غداءك وحيدا ان كنت محظوظا بما يكفى لتجد غداءا .. بل و ان وجدت طاقه لذلك اصلا ..
الى غرفتك تتجه .. فقط تخلع الحذاء و الحجاب وتستلقى بباقى ملابسك لتذهب الى حيث يذهب النيام .. تصحو لتجد الجميع نائمين .. وحيد كالضباع تبحث عن شىء مفيد لتفعله..تظل حتى الفجر وتذهب للنوم بمجرد ان تبدأ حركة الاستيقاظ فى المنزل..
تتوالى الايام متشابهة تدور فى ذات السواقى كل يوم .. سواقى مشاكلك العائليه و مشاكلك الشخصية .. مشاكل الكلية و ما فيها و من فيها .. تفتقد تدريجيا نقطة ارتكاز تستند اليها و تتوقف لتلتقط انفاسك و تسأل" هو فى ايه يا جماعه؟ ".