الاثنين، 2 مارس 2009

اخر الخط

فى منتصف الطريق الذى يقطعه السائق العجوز- سائق الحافلة الخضراء الصغيرة – جيئة وذهابا منذ تسلم ورديته لا ندرى منذ متى ولا يذكر هو .. نوعية الركاب لا تتغير تقريبا .. هناك دوما عجوز شمطاء تسرف فى مساحيق التجميل و ترمق الاخرين فى شك و تعال لا مبرر له .. و سيدة اربعينية على اغلب الظن موظفة ترتدى الحجاب والعوينات و تقرأ أذكار من كتيب ما .. ثلاثة من شباب الجامعه يضع اثنان منهما سماعه mp3 أو شىء من هذا القبيل بينما يشغل الثالث اغنية ما لهذا ال"تامر" أو ذاك على هاتفه المحمول.. هناك ثلاثينى عصبى لا يكف عن اجراء المكالمات أو تلقيها .. هناك فتاه جامعية لا تكف عن تعديل تسريحة شعرها و اخرى محجبة من سن مماثل تنظر الى كفيها او الى النافذة .. لابد طبعا من عجوز ثرثار لا يكف عن اعطاء التعليمات كأنه احد جنرالات الجيش و كأن انتقال النقود من الركاب الى السائق و انتقال التذاكر من السائق الى الركاب يحتاج خطة حربية محكمة.. و هناك اخرين لا معنى لهم يصعدون و ينزلون و الحافلة تسير..

- هل لاحظت يوما فى حافلة غير مزدحمة كيف يصر الناس على ان يجلس كل منهم بمفرده على كرسيين متجاورين حتى يضطرهم الزحام الى التقارب؟ ليس هذا شأننا بأية حال فحافلتنا ليست بالفارغة -
اغانى الشاب الجامعى ينافسها صوت عبد الباسط عبد الصمد من المذياع الذى يفتحه السائق على اذاعة القران الكريم بالرغم من عدم استماعه هو شخصيا – ناهيك عن استماع الركاب – اليه .. يصعد خمسينى اسمر و يمد يده للسائق بالنقود ليبادره الأخير بدعابته المعتاده " كام واحد؟" و لكن الرجل فيما يبدو ليس فى أفضل حالاته المزاجية ليتقبل دعابات سائق حافلة فيرد بحدة " شايفنى قدامك كام واحد؟" ليصمت السائق تماما و يناوله تذكرته صامتا و يأخذها الرجل صامتا و يقف لعدم توفر اماكن شاغرة.. حين يصعد مراهقان لا يكفان عن "التسبيل" لأحدهما الاخر .. و الحافلة بعد تسير.
يصعد عجوز فى اشارة ما مستأذنا السائق ان يدعه فقط حتى المحطة القادمة – دون اجرة بالطبع- ليرد السائق الذى زالت عنه روح الدعابة :" التذكرة اتنين جنيه..ممعكش انزل" فيكرر الرجل طلبه فى رجاء و يدعو للرجل بأشياء لا يعنيها ليكرر السائق رده فى حدة اكثر .. فيهم بالنزول حين تخرج فتاه ثمن التذكرة من حقيبة يدها و تقبض على معصم الرجل الذى هم بالنزول "خليك يا والدى" فقط ليدفع يدها بقسوة و يتمتم بأشياء لم تتبينها و يغادر..
صمت سخيف منذ نزل العجوز زاده أن نزل الشاب الذى يصر على مشاركة ذوقه الموسيقى المتردى مع الجميع قهرا .. بالاقتراب من نهاية الخط يأخذ الامر طابع لعبة الكراسى الموسيقية .. ينزل احدهم فى كل محطة و يعيد الباقون ترتيب أنفسهم على الكراسى الباقية.. الوجوه تزداد وجوما وكذلك العصبية فى صوت الثلاثينى اياه.. العاشقان مستمران فى التسبيل .. أو لعلهما اخرين؟ لا ندرى حقا فالوجوه تتشابه كما تتشابه افعال اصحابها..يتململ الجميع باقتراب المحطة الاخيرة و يتعالى صوت السائق لينبه الشاردين " ياللا اخر الخط"

هناك 4 تعليقات:

Nabil يقول...

السلااااااااام عليكم....

انا سعيد جدا عشان الوحى الحمد لله رجع ورجع حلو جدا نسانا الغيبه

الموضوع ده حلو جدا والوصف بصراحه متكامل وخلانا نشوف الصوره كامله بعيونك انت

ممكن اسمى الموضوع "رحله روتينيه بعيون (اسمك)"

بجد جميييييييل جدا هو عجبنى جدا زى كل اللى بتكتبيه بصراحه

وتفاصيل الصوره واضحه ومفصله

تحياتى ليكى ويارب القصص دى متغيبش عنا تانى ولا نغيب عنها

Ganna Adel يقول...

نبيل :
:$
الوحى رجع فجأة فعلا :):)
ربنا يخليك و التسمية التانية حلوة بردو و ممكن كمان تبقى"رحلة روتينية" بس عشان بتكسف احط اسمى على حاجة كتبتها "من غير تريقة"
الحمد لله انها عجبتك وزورونا ان شاء الله تجدوا ما يسركم :)

ihapoof يقول...

حلوه جداااا

الشخصيات مرسومه حلو أوى

والدراما اللى فيها حلوه

محكمه جدا .. والتسميه معبره


ملحوظه:

"رحله روتينيه بعيون (اسمك)"!!!

آخر حاجه ممكن تعمليها .. وحش جدا

أسف على التعليق على رأى شخص أخر .. بس مقدرتش أمسك نفسى :)

Ganna Adel يقول...

Ihab :
مبسوطة انها عجبتك و بالنسبة لاعادة التسمية هو رأيك و انت حر فيه..نوو بروبليم :)
شرفت يا فندم