الأحد، 1 يونيو 2008

للاسف..هذه هى الحياة

المرة الثانية خلال 6 اشهر يفتح الموت جناحيه المقبضين ليضمهما بقوة على شخص اعرفه... وعلى خلاف المرة الاولى و لحسن الحظ - او لسوئه – لم تكن علاقتى بالمتوفى وثيقة هذه المرة..بل و اذا شئتم الدقة لم تجمعنى به اية علاقة على الاطلاق.. فكل ما اعرفه عنه انه " انكل حاتم جارنا اللى تحتينا" و "بابا بوسى" ابنة السبعة اعوام التى تملأ حفلات اعياد ميلاد الاطفال عندنا صخبا و ضجيجا..و"لؤى" الطفل الذى لم يتم عامه الثانى بعد..و الذى يعجز سكان عمارتنا جميعا عن النوم ليلا بسبب بكاؤه الذى لا ينقطع..و " جوز طنط صباح" البشوشة الرقيقة التى ربما بادلتها تحية الصباح مرة أو اثنين.بدأ الامر برمته منذ 3 ايام تقريبا..ابى عاد من العمل حزينا ليخبر الجميع ان "انكل حاتم عمل حادثة..و فى العناية المركزة...ادعولو"لتبدأ سحابة قاتمة من الحزن و القلق فى التخييم على المنزل...سرعان ما بددتها امطار غزيرة من البكاء المتواصل .. حيث لم يمضى يومين حتى علم ابى ان " انكل حاتم مات!!!".
انسابت دمعة او اثنين فور سماع الخبر ثم كان لابد لى من الانفراد بنفسى قليلا..وحيدة فى الغرفة جلست..و"بكرة انت و جاى" لفيروز- عشقى الاول - تنساب فى حزن لتضيف مزيد من الكآبة على الجو العام...لا ادرى لماذا تبادرت تلك الاغنية الى ذهنى عندما رأيت "طنط صباح" عندما كان الرجل لا يزال فى المستشفى.. ربما من نظرة حزينة فى عينيها الغائمتين بالدمع .. نظرة لها صوت مسموع يهتف فى الم : يا رب...
افكار كثيرة عن الموت و عن من ماتوا تحتشد فى رأسى حتى يكاد ينفجر..مشاهد كثيرة متوالية كفيلم سينما عن بوسى احيانا..و عن طنط صباح احيانا..وعن اخرون لا شأن لهم بالموضوع اصلا... وعبثا احاول ان استجمع صورة الرجل الذى لم اتبادل معه اكثر من "سلام عليكم" والتى قلتها دون ان اعلم انه جارنا اصلا...الدموع تتزايد و شعور غريب بالوحدة..و باننى افتقد كل من فقدتهم... يطبق على انفاسى حتى ليجعلنى اتمنى ان الحق بهم...حتى لا اجد مفر من ان اهرب الى فراشى لاحاول ان انام..فأمضى قرابة الساعتين اتقلب و انا فى كامل وعيى..ثم اتهض لأبدأ يوما جديدا يتصادف انه يوم امتحان "الفارما"..و انا مضطرة ان اكمل ما لم اكمله بعد من مذاكرة...و مع تلك الكتب و بين كل تلك الاوراق...لا اجد سوى فكرة واحدة تسيطر على تفكيرى..و هى ان مشكلة الحياة انها لا تتوقف من اجل احد..بل تستمر و بالايقاع الذى تحدده غير عابئة بما نريد..فتطيل من لحظات نتمنى لو انتهت سريعا..و تجعل اجمل اللحظات ...تلك التى نتتمنى ان تدوم للابد تمضى و كأنها لم تكن..فلا تترك سوى ذكرى شاحبة نتذكرها كلما خلونا الى انفسنا و لا نستطيع ان نمنع ابتسامة من الفرار من بين شفاهنا..نعم..هذه هى الحياة شئنا ام ابينا...

ليست هناك تعليقات: