السبت، 14 يونيو 2008

ابتسماتها الزائفة

جلسا الى طاولتهما المفضلة و طلبا ما يطلبانه عادة..كانت هى دوما اكثر منه حرصا على هذا الروتين..كانت حريصة على ان تكون لهما تفاصيلهما الخاصة.
امسكت القدح بكلتا يديها كما تحب ان تفعل..تبدو كطفلة حقيقية و تنظر للقدح فى شرود ولا ترفعه الى شفتيها ابدا.
يحرك يديه امام عينيها حركة سريعة..تنتبه و تخفى بابتسامة مفتعلة انها فهمت ما هو موشك على قوله..من اختناق كلمة "حبيبتى" فى صوته امس..من حديثه على الماسينجر الذى اتاها خاليا من "الايموشن" الذى تحبه..من سترته السوداء التى تعلم جيدا انه لا يرتديها الا حينما يشعر سوادا مماثلا بداخله..كانت تفهمه اكثر مما يجب للاسف.
"وحشتينى"..جاءتها منه جافة باردة خالية مما اعتادته من دفء و حنان..فلم تستطع ان تبادله بمثلها و اكتفت بأن مطت ابتسامتها الزائفة اكثر.
"انا..كنت عايز اقولك حاجة"..و هنا بحثت فى ذهنها عن اى موضوع يدير دفة الحديث بعيدا عن هذا الطريق الذى تعلم الا رجعة منه..فى محاولة يائسة لتأخير النهاية..فلم تجد. خانها تفكيرها و غلبها الصمت..نظرت اليه وهى تحاول منع دمعة من الفرار..ثم قالت متظاهرة بانها لا تفهم شيئا"خير يا حبيبى؟"
اسمعها ما كانت تنتظر ان تسمعه..تماسكت..ترتجف يداها فتخفيهما تحت الطاولة لتمنعه من احتضانهما بكفيه كما اعتاد ان يفعل..لكم تكره لحظات الوداع..وكم تمنت الا تطول...
انتظرت حتى يمسح تلك الدمعة التى سالت من عينيه وهو يخبرها ان ظروفه لن تدعه يحقق لها ايا مما وعدها به..لن يصبح لها كل شيء كما وعدها دوما .. لن يعوضها عن شىء..أدارت وجهها بعيدا عنه..فهى تعلم كم هى ضعيفة امام دموعه..و تعلم ان رد فعلها المعتاد تجاهها لن يبدو لائقا فى مثل هذا المكان.
تمنت ان تضمه للمرة الاخيرة..ان تخبره انها تحبه و ستفعل دوما..و لكنها كما قلنا كانت تكره الوداع و تعلم ان ذكراه تظل ماثلة فى خيال المرء لفترة طويلة.
ابتسمت ابتسامة زائفة اخرى..و تذكرت انه كان الوحيد القادر على كشف زيف ابتساماتها .. لطالما اخبرها الجميع ان ابتسامتها ساحرة..وحده هو لم يكن يحب تلك الابتسامة..كان يعلم انها حين تجد ما يسرها حقا لا تكتفى بالابتسام..بل تضحك ضحكة ملائكية الطابع لا تقل رقة عن كل ما يمت لها بصلة..و ان ابتسامتها التى يعشقها الكثيرون هى ستارا رقيقا تخفى خلفه ما تحسه حقيقة.
بعد فترة من الصمت الذى لا هدف له سوى تأخير الفراق قالت "فاكر لما كنا بنغنى مع بعض زمان هى دموع ولا اكتر؟" رفع عينيه اليها فى يأس "ايوة..فاكر"
"خلاص"..و ابتسامة زائفة اخرى "لو على سبب البعد حبيبى قلبى كبير و مقدر"
بدت قوية هادئة وهى تنهض و تجمع حاجياتها.."انا...اسف" نظرت اليه للمرة الاخيرة وهمست"بليز مافيش داعى لكل ده..انا عارفة ان الموضوع مش بايدك..طلب واحد بس قبل مامشى..بلاش تقوللى نفضل اصدقاء..انت عارف انى عمرى ماهقدر ابقى لك صديقة و بس..خد بالك من نفسك..باى"و اسرعت تغادر قبل ان يرى دموعها..و تركته ليريح رأسه على المنضدة و يسكب ما يثقلها من دموع.

ليست هناك تعليقات: