الأحد، 10 أكتوبر 2010

الجزء الأول - كنارى

طالما كانت علاقتى بطيور الزينة معقدة ، فبين الرغبة الملحة فى اقتنائها و التساؤل الأزلى عن حقيقة موقفها من الأقفاص التى تعيش فيها انتهى أمر سبعة أزواج من الكنارى بطريقة متشابهه ، يطير أحد العصفورين من القفص - الشىء الذى يعتبره الآخرون إهمالا منى ، بينما لا يعلم حقيقه أنه إطلاق سراح غير مشروط غير العصفور وأنا - ليتوجب على بعد هذا اطلاق سراح الآخر أو إعادته إلى حيث اشتريته .
لكن ما كان يشغل بالى حقا هو شعور الطائر نفسه بعد إطلاق سراحه .. فجميعها تتصرف بطريقة مشابهة .. تحلق على علو منخفض ولمسافة صغيرة لتستقر على أقرب نافذة للشرفة التى هربت منها ، وكأنما تختبر أجنحتها ، ثم تتنقل تدريجيا الى شرفات أبعد وارتفاع أعلى حتى تغيب عن عينى تماما .
كانت أمى دوما تصفنى بالجنون ، قاصدة تلك الرغبة المستمرة فى الهروب والتى تتملكنى من آن لآخر .. كثيرا ما كانت تتذكر ضاحكة يوم جمعت بعضا من ملابسى فى حقيبتى المدرسية قاصدة الهروب من البيت مما اضطرها الى إغلاق باب البيت بالمفتاح وإبقاؤه فى صدرها طوال الليل لتمنعنى من تنفيذ مؤامرتى الصغيرة التى لم أكترث كثيرا بانكشافها .
الوقت يمر ببطء شديد جدا .. لم تكن الساعة تجاوزت السابعة بعد حين ارتفع أذان العشاء .. تبا للتوقيت الشتوى الذى ينهى اليوم قبل أن يبدأ .. بل تبا للنزعة المصرية التى توحى بانتهاء اليوم مع أذان العشاء . بالكاد مرت عشرون دقيقة على نهاية اتصالى بأحمد الذى انتظرته بموجبه أمام الكافيه الذى احتفلنا فيه بعيد ميلادى الماضى .. نحب هذا المكان حقا .. قررت التراجع عن قرار انتظاره بالخارج حين تجاوزت سخافة تعليقات المارة الحد الذى يمكننى تحمله فمضيت الى الداخل ..
قابلنى النادل الذى نعرفة بابتسامة ود وسؤال ما عن أحوالى فأجبته دون وعى " مستنية حد لما يجى هنطلب سوا " فانصرف مغمغما بشىء لم أتبينه ، وتركنى أسترجع مشاهد الفيلم العربى الذى كنت بطلته منذ قليل ، وأتخيل الفيلم الآخر الذى سألعب بطولته بعد لحظات .. " ايه بس اللى أخرك يا أحمد؟ " قلتها وأنا أنظر فى ساعة يدى لأصعق بأنه لم تمر سوى خمس دقائق .. اللعنه.
كنت مشوشة للغاية .. تتضارب فى رأسى ألف ألف فكرة عما سيحدث الآن ، بالرغم من أننى كنت أتوقع ما حدث منذ زمن وأخطط له كاحتمال وارد .. إلا أن خططى اللولبية تلاشت تماما الآن " متوترة ليه مش ده اللى كنتى عايزاه؟ " قلتها لنفسى أيضا فلم ترد .
الموسيقى اللاتينية التى تتردد فى المكان زادت من توترى نوعا بالرغم من أننى فى العادة أحبها ، ولكن اليوم أبعد ما يكون عن العادى من نواح عدة .. هاهو أحمد أخيرا يبدو بالضبط كما توقعت .. جزعا متوترا متحفزا بعد مكالمتى الأخيرة التى لم أخبره فيها بالطبع عن طبيعة المشكلة .. يبدو مناسبا تماما للدور الذى سيلعبه بعد قليل .
- فى إيه إنتى كويسه ؟ حد من اهلك جراله حاجه ؟
- دانتا نبيه جدا .. يعنى أهلى هيجرالهم حاجة وأنا هقعد معاك فى كافيه؟
- بطلى تريقة وقولى فى إيه وقعتى قلبى ..
أخذت نفسا عميقا ودارت فى ذهنى جميع الأفلام العربى التى تحدثت عن الموضوع دفعه واحدة قبل أن أقول ببساطة :
- أنا سبت البيت .

هناك تعليق واحد:

Tarkieb يقول...

اولا بصفتي مربي عصافير قديم فا حب اقول عصفور الزينة اللي ما يخرجش من قفصه ويطير في الاوضة بتاعتك كل يوم يبقي عنده ضمور في العضلات ومايقدر يطير كذا متر ....وبيقع بسرعة...لو كل يوم طار شوية ح يخش القفص لما يجوع...طبعا شباك الاوضة مقفول...نيجي بقى للقصة ونشوف سيبتي البت ليه؟ ونلتقي في الحلقة القادمة...


اه ياريت تشيلي تدقيق الكلمات من الكومنت...