الاثنين، 11 أكتوبر 2010

الجزء الرابع - ريتا والبندقية

هل تعرف ذلك الشعور الذى ينتابك عندما تسوء الأمور فجأة الى حد لا تستطيع التعامل معه فتظل تردد لنفسك " هذا لا يحدث حقا؟ " هو ذا .. كان أحمد خالد توفيق فى روايات ما وراء الطبيعة التى أعشقها منذ صغرى يتحدث دائما على لسان رفعت اسماعيل عن قاعدة " هذا لا يحدث حقا " بوصفها احدى ميكانيزمات الدفاع المعروفة التى يلجأ إليها عقل الإنسان عندما تحاصره المشكلة ..
هذا لا يحدث حقا ..
هذا لا يحدث حقا ..
حسنا .. عزيزى رفعت اسماعيل .. عزيزى أحمد خالد توفيق .. خمنا ماذا؟ هذا يحدث حقا و قد توقعت حدوثه منذ زمن .. مع هذا فأنا لا أستطيع أن أستجمع أفكارى لوضع سيناريو معين للأحداث .. وصورة الكنارى الذى يتخبط بين النوافذ القريبة لا تفارقنى ..
نهضت من على الفراش والتقطت المفكرة الصغيرة التى اكتب فيها كل ما يمكنك تخيله و بدأت أكتب
" rule no.1 : no regrets "
" rule no.2 :
وترددت قليلا .. ثم أضفت : always have a plan B
كنت أعلم أنه بالرغم من حرارة الاستقبال الذى استقبلتنى به رنا و سلمى ، فلن يمكن ان يستمر الوضع هكذا للأبد ، ربما تزوجت احدى الفتاتين أو كلتاهما أو ربما عادتا الى الأردن لأى سبب ، وربما اختلفت معهما ببساطة .. إذن فيجب البحث عن خطة بديله منذ الآن ...
وبما أن خطة السكن وثيقة الصلة بخطة العمل لا يجب أن تسبق الأولى الثانية .. فلنفكر فى العمل أولا
خرجت من الغرفة :
- رنا عندك الوسيط بتاع الأسبوع ده ؟
- مش عارفة احنا بنكومهم كلهم فى البلكونة وبنخليهم عشان تلميع الإزاز .. عايزاه دلوقتى؟
شعرت بالخجل نوعا .. سأجعلها تنهض لتبحث عنه فى منتصف الليل دون سبب وجيه بالنسبة لها على الأقل ..
- لأ خلاص كنت بسأل . طب عندك مسكن لحسن صداع هيموتنى
كانت هذه حقيقة مؤسفة .. لست من النوع الذى يمكن ان ينسجم مع النكد دون خسائر كما ترى
- على التلاجة جوه فى علبه بنادول اكسترا و فى كتافلام فى التلاجه .. عيشى
- مريم .. خفى عن نفسك شوية .. اشربيلك كوباية لبن عشان تعرفى تنامى .. فى لبن فى التلاجه وأكيد انتى مش محتاجه عزومة
قالتها سلمى بجدية فأومأت بامتنان .. ربما ليست فى رقة رنا ولكنها تهتم حقا ..
ابتلعت قرصى المسكن مع كوب من الحليب وفى طريقى الى الغرفة تذكرت أننى لم أصلى المغرب ولا العشاء .. تبا ... توضأت وعدت إلى رنا و سلمى :
- هى القبله منين يا جماعه
أشارت بيديها لاتجاه القبلة موضحة :
- ناحية باب الشقة يمين شوية .. فى مصلية فى الدولاب اللى فى أوضتك .. الدرج اللى فى النص فيه باين واحده تركواز كده .. بس ابقى ادعيلنا والنبى
انهت كلامها بابتسامة بادلتها إياها وعدت للغرفه .. وصليت المغرب والعشاء ..
" يا رب .. أنا عارفة إنى غلطت .. عارفة إنى اتسرعت .. بس عارفة إنى مكنتش هقدر أستحمل أكتر من كده .. يا رب أنا مطلبتش أكتر من إنى أشتغل عشان محدش يبقى ليه عندى حاجة .. وأتجوز الولد اللى بحبه .. يا رب .. هو ده كتير؟ هو ده حرام؟ افرجها يا رب ، ساعدنى أمشى صح الفترة الجاية يا رب.. اللهم دبر لى فإنى لا أحسن التدبير.."
ختمت الصلاة وأنا فى حالة انهيار تام .. بكاء متواصل لا أدرى له سببا ..

"هو بكره اتأخر كده ليه؟! "
آلآف الأفكار عما قد يحمله الغد لى ولأحمد ولكل أبطال هذا المسلسل المكسيكى السخيف .. مشاهد الشجار تتكرر فى رأسى تلقائيا ولا أستطيع ايقافها .. ويبدو أن البنادول يزيد من الصداع هذه الأيام ..

أحمد يتصل .. ابن حلال .. الكلام بيننا لا ينتهى ولا يكرر.. ربما كان هذا من أجمل ما يميز علاقتنا ..
- عايزة حاجه أجيبهالك بكره؟
- هاتلى الوسيط بتاع الأسبوع ده ، وأى جرنان فيه اعلان وظايف .
- حاضر
كم أحبه عندما يفهمنى دون الكثير من الرغى .. كم أحب تلك ال "حاضر "..
- هتعملى ايه بكره؟
- هعدى على ماما فى الشغل ، عايزة أطمنها عليا و مش عايزة أتكلم فى التليفون ولا الموبايل ، بعدها هعدى على ريهام عشان أنا محتاجه أقعد معاها وأبع اللى فى قلبى كله ..
- تبعى ؟ طب مانا معاكى أهه يا حبيبتى ، بعى براحتك
- يا حبيبى مانت خدت جرعتك خلاص ، تعالى السبت الجاى استشارة .. ده بقى دور ريهام.
ضحكنا .. كيف يمكنه أن يجعلنى أشعر بكل هذا الأمان ؟ كيف أحبه الى هذه الدرجة ؟
- اللى يريحك يا حبيبتى ... مريم
- نعم
- أنا بحبك .. انتى عارفه كده؟ وهفضل أحبك و هفضل معاكى و هنعدى الأزمة دى سوا .. متفكريش فى حاجه .. فاهمة؟
صمت .. كنت بحاجه لأن أرتمى بين ذراعيه و أبكى حتى الصباح ..
- بحبك أكتر ....
كان يعلم أننى عاجزة تماما عن النوم .. فى انتظار ان يبدأ مفعول المسكن بدأ يقرأ لى - بناء على طلبى - قصائد معينه لمحمود درويش كى أنام .. يطير الحمام يحط الحمام ، درس من كاماسوطرا ، ليل يفيض من الجسد .. ريتا التى كان ينادينى باسمها أحيانا ..
- بين ريتا وعيونى بندقية ..
والذى يعرف ريتا
ينحنى ويصلى
لإله فى العيون العسلية ...
بدأ النوم يداعب عيني .. وكان آخر ما سمعته صوته يردد :
- آه .. ريتا
أي شيء ردّ عن عينيك عينيَّ
سوى إغفائتين
وغيوم عسليّهْ
قبل هذي البندقيهْ!
كان يا ما كان
يا صمت العشيّهْ
قمري هاجر في الصبح بعيداً
في العيون العسليّهْ
والمدينة
كنست كل المغنين ، وريتا
بين ريتا وعيوني . بندقية

هناك تعليقان (2):

Tarkieb يقول...

بس لسة مصلية وبتسمع درس في الكاموسطرا ياصلاة النبي...وفين البابا والنبي ؟ اما نشوف حكايتها ايه دي ست مريم

Ganna Adel يقول...

دور عالقصائد واقراها وبعدين ممكن نتفاهم