الاثنين، 11 أكتوبر 2010

الجزء الثالث - القاعدة الأولى

كثيرا ما دارت أحلامى حول الهروب والمطاردة .. تكرر هذا الحلم معى كثيرا .. وكنت أخبر أمى فتجيب بأنها خلافاتى مع والدى .. تسكن عقلى الباطن وتفرض نفسها على أحلامى .. أما عن المطاردة فكانت تقول " الدنيا .. بتجرى وراكى و مش سايباكى فى حالك ، وهى يعنى سايبة مين فى حاله؟! ابقى اقرى قرآن قبل ما تنامى .. "
فقط لو تتحقق كل الأحلام بتلك الدقة ..
كنا فى سيارته نتجه الى منزل رنا ، صديقة أردنية تعيش فى القاهرة مع قريبتها بمفردهما .. بعد أن هاتفتها وشرحت لها باختصار أبعاد المشكله ووافقت مرحبة .. لم تكن يوما أقرب صديقاتى ولكنها صديقة جيدة وطالما أمكننى الاعتماد عليها .. وهى على علم بمشاكلى الأسرية اللطيفة لذا لم تسأل كثيرا ..
كان احمد واجما ولكنه من باب الرقة وضع اسطوانتى المفضلة فى مشغل الاسطوانات .. الموقف برمته سخيف جدا لكلينا .. هو يكره حقيقة تركى لمنزل أهلى .. ويكره حقيقة عجزه عن اقناعى بالعودة .. ويكره حقيقة رفضى لاتمام زواجنا .. ويكره كل ما يتعلق بالوضع الحالى فى الواقع .. وأنا أعذره وأشفق عليه، ولكنه سيتأقلم .
بدأت أعى حقيقة أننى بمفردى من هذه اللحظة .. بعيدا عن أحمد و رنا أعنى أننى أملك زمام أمرى .. للمرة الأولى أصبحت أنا من تضع القواعد بدلا من محاولة التكيف معها او تكييفها معى .. والأمر على قدر روعته ليس سهلا .. لابد من التمهل كى لا ينتهى الأمر بمأساة ما..
وكانت القاعدة الأولى من قواعد الشارع : لا مجال للندم .. لن أندم على ما فعلت ولن أفعل ما يمكن أن أندم عليه ..
يبدو أن السيارة توقفت من مدة لأن أحمد فرقع باصابعة أمام عينى قائلا : " يا حاجة "
- لا مؤاخذه يابنى العتب عالنظر
ضحكنا ثم مرت لحظات صمت ..
- هطلع معاكى عند رنا .. عايز أتكلم معاها
- تطلع فين يا خفيف ؟ الدنيا ليل و دول بنات عايشين لوحدهم .. انت عايزنا نجيبلهم مصيبة ؟ عايز تكلمها فى موبايل ان شاء الله و فى نت و فى كل وسائل التكنولوجيا اللى انت عايزها ..
ابتسم بخبث .. كان يريد أن يعرف ردة فعلى لا أكثر فهو لا يحتاج إلى لأخبره بما يليق وما لا يليق .. فتحت باب السيارة لأنزل فقبض على معصمى
- بصيلى من الشباك لما تطلعى
- أحمد حلمى حضرتك؟ ماشى .. ولو شقتهم مش عالشارع؟
- يا رخمه.. كلمينى لما تطلعى و تستقرى كده .. ومتنسيش
آه ..الموبايل ..كنت قد نسيت أننى أغلقت موبايلى منذ أنهيت مكالمتى معه منعا للازعاج المتوقع .. سأضطر لفتحه اذن بكل أسف ..لا يهم..صاح مرة أخرى "يا حاجة "
- أيوة أيوة حاضر هكلمك لما أستقر و اقعد كده ..
- هعدى عليكى الصبح قبل ما أنزل الشغل .. خدى خلى دول معاكى لحد بكره
مد إلى 100 جنيه فنظرت إليه بامتنان ساخر
- ودول هعمل بيهم ايه من النهاردة لبكره؟ مش ..
قاطعنى غاضبا :
- امسكى يا مريم وبطلى سخافة ..
- والله مش موضوع انى مش هاخد منك فلوس بالعكس دانتا اللى هتشيلنى الشهر الجاى لحد ما اتعين وأقبض .. الفكرة ..
- امسكيييييييي .. وبكره هجيبلك ألفين جنيه خليهم معاكى لحد ما ربنا يفرجها عشان متحسيش انك كل شوية تاخدى فلوس أنا عارف إنك مش بتحبى كده حتى مع أهلك ..
وددت أن أقبله بشده ولكنى اكتفيت بقبلة فى الهواء وأنا أتذكر القاعده الأولى : " لا مجال للندم "
- تصبحى على خير يا حبيبتى .. خلى بالك من نفسك
- حاضر وانت من اهله
- افتحى موبايلك
- حاضر
- واستنى صحيح ادينى نمرة رنا عشان أكلمها
- .........
- تمام .. باى باى يا بيبى
- باى
**********

فى بيجاما بيضاء ذات نقوش وردية جلست بجوار رنا أمام التليفزيون بعد أن استقبلتنى كأفضل ما يكون .. عناق و طبطبة وترحيب شديد .. لم أكن أعلم أنها ودودة لهذا الحد تلك الفتاه ..أخذت رشفه من مج النسكافيه الذى أعدته لى وقلت ضاحكة :
- بجد يا رنا مش عارفه أقولك ايه عالبرشطه المفاجأة دى .. ياختى الواحد يبقى قاعد لا بيه ولا عليه ويلاقى المصايب جاياله لحد عنده كده
استماتت فى نفى الأمر مع الكثير من "ده بيتك يا بنتى" .. و"انتى منورانى" وخلافه .. كنا فى انتظار سلمى قريبتها التى تعمل فى شركة فى المعادى .. قابلتها مرة واحدة فى عيد ميلاد صديقة ثالثه ولم نتكلم كثيرا ..
- انتى متأكده ان سلمى معندهاش مشكله فى القلق ده ؟
- يا بنتى احنا بيتنا مفتوح لوكانده أصلا واخدين طول الوقت ان أى حد بيجى من الأردن بيقعد عندنا ، دى حتى تالا صاحبتنا المتجوزة جت عندنا لما جوزها كان مسافر .. مفيش أى مشكله متقلقيش ..
شعرت ببعض الاطمئنان .. دارت المفاتيح فى الباب ودخلت سلمى
- مساء الخير عليكو .. ازيك يا مريم؟
- الحمد لله سورى بجد
- يااا الله هتقعد بأه تعمل جو الأفلام .. بلاش هبل يا بنتى بيتك و مطرحك ، انتى مش هتقعدى كتير صح؟
قالتها مداعبة فضحكنا كثيرا وأجبتها : قد عشرة اتناشر شهر كده ..
بدلت ملابسها وجلسنا أمام التليفزيون نتابع فيلم ما .. ونتحدث من آن لآخر .. كان أحمد قد هاتفها وعرض عليها أن يشارك فى مصروف البيت فعنفته طويلا .. وعندما اطمأن على كل شىء طلب منى أكلمه قبل أن أنام .. وكالعادة تقمص دور الأب الذى لم أفتقده بعد " نامى بدرى ، بلاش سهر من غير لزوم ، متفكريش فى حاجه .." والكثير من تلك التعليمات .. أنا أحبه حقا ..
- معلش يا جماعه أنا داخلة أنام بقى لحسن مش قادرة تعبانه جدا
قلتها وأنا أعلم أن ملامح وجهى كلها تشى بكذبى ..
- ما تقولى من الآخر عايزة أروح أكتئب لوحدى عادى احنا مش بمنمع الاكتئاب عندنا ..
قالتها سلمى فابتسمت وهززت رأسى إيجابا فقالت باشفاق
- متفكريش فى حاجه .. ان شاء الله هتعدى .. أوضتك اللى على يمين الحمام وأنا و رنا هننام فى الأوضة اللى فى الوش
- آه ما رنا قالتلى وحطيت شنطتى فيها .. تصبحو على خير
- وانتى من أهله .. نصحيكى امتى؟
- أحمد هيتكلم يصحينى أنا هكلمه قبل ما أنام أصلا .. أشوفكو بكره
مضيت الى الغرفة وأنا أعلم أن هذه الليله لن تنتهى ..

هناك 5 تعليقات:

العين السحرية يقول...

عزيزتي ...
تزداد جمالا وواقعية جزءا بعد جزءعلى نحو مخيف ..لأ اريد انتظار باقي الاجزاء طويلا :D

Ganna Adel يقول...

أنا متقمصة مريم لدرجة إنى مش عارفه أنام D:D:
عموما انا هنزل جزء كل يوم :)

شرفتى يا أنوسى

إبـراهيم ... يقول...

شغاااااااااال جدًا :)

نتاابع هنا ...
بشغف

Ganna Adel يقول...

عيش يا باشا .. عيش وسيبنى أعيش :)

مبسوطة انك مستمتع

Tarkieb يقول...

وطلعت اسمها مريم كمان ويارب تطلع رنا دي بنت حلال ههههه....تصدقي وربنا خايف عليها خلاص بقى عشرة تلات اجزاء....جميلة بجد